moved to a new blog. click on the link

اهلا بك. من باب التطوير انتقلت لمدونة جديدة. كل ما تحتاجه الان ضغطة اخيرة على هذا الرابط. واسف على التاخير.

الثلاثاء، 24 مارس 2009

لماذا لا يمكنك ان تنتقد الهيئة؟

الم تلاحظ ذلك؟ اذا كنت تشاهد حوار فيه طرف ينتقد الهيئة (هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر) فإنك في كل مرة ستجده يهاجم من الطرف الثاني. و الحوار يتحول سريعاً لمشاحنة. أما إذا كان الحوار بين طرفين يهمهم أن لا يخسروا بعض فسيظهر لك سريعاً أن أحد الأطراف ينسحب بدون اقتناع.
 
"لا تحبكها يا ياسر، دا مافي جريدة أو منتدى إلا و كل يوم تجد فيه عشرات الانتقادات للهيئة". نعم، يتم انتقاد الهيئة، لكن كل الانتقادات تقابل من الطرف الثاني (المدافع عنها و منتسبينها) ليس بالرد عليها ولكن إما بإتهام صاحب الانتقاد بالتآمر، أوأنه ساذج لا يفهم مخاطر الامة، و الأكثر شيوعاً هو بالرد على صاحب الانتقاد بأنه لا يريد إلا الفساد و "قلة الحياء".
 
نعم، نحن نفتقد لثقافة الحوار عموماً. لكن موضوع الهيئة غير. هناك حساسية رهيبة. لماذا؟
 
هذه الرسالة ليست لنقد أو مدح الهيئة. هذه الرسالة هي لتكشف لك سبب هذه الحساسية التي تجعل كل انتقاد و كل منتقد يقابل بالاتهام بالتآمر أو الغباء أو حب الفساد. حتى لو كان دافع انتقاده صادق ومن باب النصح.
 
تريد أن تعرف لم لا يمكنك أن تنتقد الهيئة؟ السبب هو في اسم الهيئة "هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر"
 
الدكتور عبدالله التركي الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي قال في مرة أن أهم العوائق أمام الحوار مع "حزب الله" هو المسمى. ونصح بأن يعاد النظر في الاسم خصوصاً وأنه حزب سياسي و عسكري. فلان اسم هذا الحزب هو "حزب الله" فكيف ستنتقده؟ من الصعب أن تقول جملة مثل "أنا ضد حزب الله" أو "حزب الله غلط" لأنك ستشعر وكان صاعقة ستهبط من السماء. لم؟ لأنك لا شعورياً ستربط كلمة حزب الله ليس بهذا الحزب السياسي و لكن بقوله تعالى "ألا إن حزب الله هم المفلحون".
 
لذا باختصار، و بالبلدي، كان تلميح الشيخ الدكتور عبدالله التركي لحزب الله هو "غيروا الاسم حتى ناخذ راحتنا في النقاش".
 
هذه نفس مشكلة الهيئة. مشكلة الاسم. فاصبحت الهيئة فوق النقد لأنها اختارت أن يكون اسمها هو نفس اسم مايصنف بركن الاسلام السادس و فريضة شرعية مهمة . وبسهولة يستطيع أي شخص في نقاش عن الهيئة أن يتهم المنتقد أنه يهاجم الأمر الإلهي بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر فينتهي النقاش. مع أن المنتقد (في حالات كثيرة) هو لا ينتقد بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كمبدأ. هو ينتقد الجهاز الحكومي و الذي هو اسمه بالمناسبة نفس اسم الامر الإلهي بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
 
تخيل أن تذهب لصديقك لتنتقد صديقكم الاخر عبدالله. فتقول "ياخي عبدالله هذا من جد مايستحي,أنا ماشفت في حياتي أحد بهذه الوقاحة, شفت كيف أخذ السيارة كأنها سيارة ابوه بدون استئذان؟؟" فتفاجأ بصديقك بدلاً من أن يوافقك, أو أن ينصحك أن لا تغتاب, أوأن يختلف معك. تفاجأ بانه مثلا يقول لك "لكن هذا عبدالله, يعني أنه أقر بالعبودية التامة لله تعالى وما في ذلك من أوامر و نواهي" عندها سيكون صديقك هذا "مخه ضارب شويه" لأنه ترك الشخص و فعله و انشغل بالاسم و معناه.
 
هذا بالضبط ما يحدث مع الهيئة. جربها. سواء كنت مدافع أو مهاجم لجهاز الهيئة، اختر أحد اصدقائك او قرابتك العقلانيبن في نقاشهم، ثم انتقد أمامه الهيئة فقط لتختبر هذه النظرية. اتحداك أنه في الجملة الثالثة أو الرابعة سيغرق في الدفاع عن الأمر الإلهي وليس الجهاز الحكومي. كما انشغل صديقك ب"عبدالله" الاسم و معناه وليس ب"عبدالله" الشخص و وتقييم فعله.
 
انتقد اي جهاز حكومي اخر هو يدافع عنه. لنفترض الشرطة مثلا. لو استمر النقاش بينكم لساعات لن يقول شئ مثل "لكن الله امرنا بتوفير الامان للناس". لكن في نقاش الهيئة سريعا ستسمع "لكن الله امرنا بالامر بالمعروف".
 
مشكلة حساسية الهيئة نحو النقد و ان سببها الاسم خاصة فقط بجهاز الهيئة. بدليل ان جهاز حكومي اخر وهو وزارة الحج مثلا يمكنك ان تنتقدة بشدة ولن يأتي أحد و يتهمك أنك ضد ركن الاسلام الخامس والذي يشترك مع هذه الوزارة في الاسم. لأن الكل يعرف أن وزارة الحج هي تنظم الحج فقط وهي ليست الجهه التي تحج عنا و تقوم بأمر الحج عنا وعن المسلمين. الفصل واضح بين "الحج" الوزارة و "الحج" الركن. في حين أنه لا فصل في اذهن الناس بين "الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" الهيئة و" الامر بالمعروف و النهي عن المنكر" الواجب الشرعي.

هل هذه الرسالة ضد الهيئة؟ لا. هل أنا اقترح أن تغير الهيئة اسمها؟ ليس بالضرورة. كانت هذه الرسالة لتوضح لك ما أعتقد و استنتجت أنه سبب رئيسي في حساسية نقد الهيئة وصعوبة أن يحصل حوار هادف بين طرفين عن هذا الجهاز. 
 
وهذا امر محزن، لان هذا الموضوع يحتاج لان يكون محل نقاش موضوعي. فقيمنا الاساسية كالحياء، التواضع، الاحترام، العبادة، البر و الاحسان في خطر هذه الايام. و ستكون ضحية تناحر الطرفين حول فرعيات كشف الوجه و حكم المعازف و بيع العيش و الحليب وقت صلاة المغرب و جواز تربية الشباب للافرو "الكدش"
  
و بالمناسبة. ولان الشئ بالشئ يذكر، قوم صلي إذا لسه ما صليت.