أفضل طريقة لتقديم الفرق بين الراتب و الدخل هي من خلال المثال التالي:
أحمد و محمد إخوة توأم. تخرجوا سوية من كلية العلوم. أحمد عمل كمدرس في مدرسة حكومية. اما محمد فالتحق بالقطاع الخاص و عمل في أحد المصانع. لنقم بعمل fast forward ١٠ سنوات. أحمد الأن وكيل مدرسة و محمد مدير إنتاج.
إذا قارنا بين الاثنين سنجد الاتي:
- الراتب الشهري: أحمد ١٠الاف و محمد ٢٨ألف
- الدخل الشهري: أحمد ٤٠الف و محمد ٢٩ألف
- الممتلكات الاستثمارية: أحمد يمتلك ماقيمته حوالي مليون (أرضين بقيمة ٤٠٠ألف ، سيارتين في الحراج بقيمة ٧٠ألف ،أسهم بقيمة ٢٥٠ألف، و ٢٥٠ألف كاش). محمد يمتلك ماقيمته حوالي ٢٠٠ألف (أرض بقيمة ٩٥ألف ، أسهم بقيمة ٤٠ألف، و٦٠ألف كاش).
هذه المقارنة تطرح اسئلة عن وضع أحمد: فكيف مثلا يحقق دخل إضافي بقدر٣٠ألف ريال في الشهر فوق الراتب؟ و كيف يمتلك ماقيمته النقدية حوالي مليون ريال من الممتلكات الاستثمارية و السيولة. باختصار، نريد ان نسال احمد "من اين لك هذا؟"
الإجابة بسيطة. لا، ليست ماقد تكون تفكر فيه وما نتهم به البعض من استغلال للمناصب. إنتبه! فموظف الحكومة أبوك او أخوك او عمك او زوجك. او كلهم. فلا ينبغي تعميم فكرة السرقه كلما رأينا أحدا يقود سيارة فخمة. هناك إجابة أكثر منطقية للسؤال:
الإجابة هي ان أحمد و موظف القطاع الحكومي يخرج من عمله ليأخذ أبنائه من المدرسة، ثم يعود للبيت فيتغدى و يشاهد شئ من التلفزيون، ثم يغفو لساعة، ثم يستيقظ و ياخذ حمام سريع. يفعل كل هذا قبل إقامة صلاة العصر.
أما محمد في المصنع او الشركة، فاذا سمع أذان العصر إستبشر و قال لنفسه "هانت، كلها ٢ او ٣ او ٥ ساعات و نرجع البيت". فيدخل بيته بعد غروب الشمس خائر القوى، منتهي تماما. إذا سألته كيف حالك قال لك "هاه؟"
لنعد لأحمد. بعد صلاة العصر، يخرج من المسجد و هو مرتاح، شبعان و منتعش. يقول " يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم". و لأن أحمد إنسان نشيط، فمابين ٤:٣٠ و الواحدة ليلا وقت رهيب لعمل ١٠٠ حاجة و حاجة. مثلا: يومين في الاسبوع يزور مكاتب عقار لساعة بين المغرب و العشاء باحثا عن خبطات. أراضي في مناطق جديدة ب٥٠ألف يبيعها ب٧٠ألف بعد شهر او شهرين. وله زيارة كل أسبوعين لحراج السيارات يبحث عن صفقة أخرى. وهو مشترك مع زملاء و أقارب في مغسلتي ملابس صغيرة، بقالة وكفتيريا. مقابل شئ بسيط من الإشراف و رأس المال التافه الذي ساهم به، تحقق له كل واحدة منها له ما معدله ٢٥٠٠ في الشهر. في موسم الحج يشترك مع أخرين في حملة لحجاج جنوب شرق أسيا. ثلاثة أشهر من العمل تحقق له ٥٠ الى ٧٠ ألف في كل موسم.
من هنا اتت ال٣٠ألف الإضافية في الشهر. و من هنا تحقق له ان يجمع ماقيمته النقدية مليون.
أما محمد فكل اللي حيلته شوية أسهم في سابك و حتة ارض في اخر الدنيا مضحوك عليه فيها. هو و بعض الاصدقاء لهم ٣ سنوات يحاولوا ان يجتمعوا و يفكروا في مشروع لكنهم كلهم "مررررره مشغولين".
يبقى أن ننبه لأمر أخلاقي او قانوني خطير في المثال. بل انه خلل في المثال. وهو أنه لا ينبغي لموظف الخدمة المدنية او الحكومة أن يكون له اي عمل آخر. مع ذلك أخترت هذا المثال لأنه من الواقع. و لانني أريد ان اوصل رسالة لك يا عبد القطاع الخاص. فان هذه المشكله الاخلاقيه او القانونية لا تنطبق عليك بالضرورة:
"أعطي شغلك حقه وما يلزم لتحليل لقمة عيشك بحسب ساعات الدوام و الدور الموكل لك في العقد. فأثناء العمل، قدم من طاقتك مايلزم لانجازه. ما يتبقى في يومك من وقت و طاقة ملكك أنت. فأستخدمهم في مصلحتك أنت. ووظفهم لتحقيق مصادر دخل"
قد تكون تفكر الان "طيب، لو التزمت بهذه النصيحة فلن أتميز في وظيفتي و ستفوتني الترقيات و الزيادات". لذا سيكون في بعض الرسائل القادمة تفريق بين الشغل و الشغل الصح. و سأعرض لك رأي شخصي قد يمكنك من أن تتميز في وظيفتك بدون ان تغرق فيها.
او قد تقول " اقتنعت، بس ايش اعمل؟ أراضي و أسهم و حراج سيارت؟". لا، فنحن في ٢٠٠٨. في ألف حاجه احسن و أكثر ربح وإستمرارية. بس أصبروا علينا.
أتمنى أن أحصل على تفاعلك و تعليقك على الموضوع.