لماذا تبيع المطاعم البيبسي بثمانية ريالات؟

مجال المطاعم مجال فيه منافسة كبيرة. و التفاضل بين المطاعم يعتمد على عاملين أساسين: السعر و الجودة (او الطعم). "بكم الأكل؟"و "لذيذ ولا لا؟" هما السؤالين الأساسيين الذان يسألان. و إذا كان الجواب أن المطعم أسعاره جيدة و أكله ممتاز فلن تسأل بعدها إلا عن مكانه أو عنوانه وذلك لتذهب إليه. أمور مثل حلاوة الجلسات، و جود غرف خاصة، تقديم أكل رجيم أوأطفال كلها أسئلة ثانوية أو تخص فئة محدودة من الناس.

 

المطاعم تعرف هذه القاعدة جيدًا. لذا تحرص أن تحقق درجات عالية فيها عند أراء الناس.

 

على مستوى الجودة او الطعم هم لا يملكون سوى الاجتهاد.أما على مستوى رأي الناس في الأسعار فهم يقومون بعمل خدعة بسيطة. و هي أن يعرضوا أسعار الاطباق الرئيسية منخفضة بقدر الامكان. حتى لو تطلب الأمر بيعها بربح بسيط أو حتى بدون. مع انها الاكثر تكلفة في المواد.

 

هم يفعلون ذلك لأن مقياس السعر (أو الغلا و الرخص) هو سعر الطبق و ليس مبلغ الفاتورة. أنت لا يهمك كم كانت فاتورة أحمد و زوجته. كونها كانت مئه أو ثلاثمئة لا يعطيك انطباع عن أسعار المطعم. أما لو عرفت أن الفتوتشيني بالدجاج سعرها ثلاثة و ثلاثين ريال و الستيك بأربعة و خمسين ريال فهذا يعني أن الاسعار ممتازة.

 

في المطاعم فوق متوسطة المستوى، معدل سعر الطبق الرئيسي هو خمسة و اربعين ريال تقريبا (مابين باستا بثلاثين و ستيك بسبعين). ولو خرج المطعم عن هذا الحاجز سيعتبر غالي. لكن المطعم لا يستطيع ان ينجح لو حصل من كل طاولة لشخصين على تسعين ريال فقط. لذا، تزود المطاعم من دخلها (و الاهم من نسبة ربحها) من خلال الاربعة مصادر العالية الربحية التالية:

 

١. الاولى سهلة جدا، و هي ال١٢.٥٪ خدمة التي يحسبونها على اجمالي الفاتورة.

 

٢. لأنك تذهب للمطعم عندما تكون جائع، و يزيد من جوعك هذا رؤية المطعم و أطباق الناس و قراءة القائمة. كذلك الروائح من المطبخ تصلك. كل هذا يحفز المعدة الخاوية لتفرز عصاراتها مما يصيبك بقرصة الجوع. عندها يخبرك الجرسون أن طلبك سيحتاج تحضيره ربع ساعة ويقترح عليك بعض المقبلات لحين أن تجهز الطلبات. فتوافق ليس لأن الأطباق لن تكفي ولكن لأنك جائع و ستتعذب لو انتظرت لربع ساعة بدون أكل. تقرر عندها أنت و صديقك التشارك في أحد المقبلات وسعرها عشرين ريال.(ملاحظة: في الحقيقة، الاكل لا يحتاج ربع ساعه لكنهم ياخذون هذا الوقت لتطلب المقبلات. و الدليل ان تذهب لمطعم في اخر الدوام و الموظفين تعبانين يريدون انهاء الخدمة لمغادرة المكان. ثم اطلب اكثر الطلبات احتياجا للوقت. ستجده امامك في خمس دقائق او اقل) تصبح الفاتورة عندها ٩٠+٢٠= ١١٠ ريال.

 

٣. تعرف لماذا "يتمطع" و يتثائب الناس في السينما بعد مشاهدة فيلم وكأنهم أهل الكهف؟ ليس لأنهم كانو في الظلام لساعتين. بل بسبب برميل الفشار الذي استهلكوه. الملح الكثير في الفشار يؤدي للخمول. يأتيك مايشبه نوبة ضغط مرتفع مصغرة. أكل المطاعم ملئ بالملح و الدهون. وعند الإنتهاء منه يأتيك نفس هذا الاحساس. لذا يقال دائما بعد الوجبات الدسمة "بعد هذه الأكلة الواحد يبغالوا نومه". كيف تطرد هذا الاحساس؟ بكلمتين: كافيين و سكر. أو بمعنى اخر انت طلبت اسبرسو (٦ ريال) و تشاركتم في كيكة شكولاتة (١٨ ريال). تصبح الفاتورة عندها ١١٠+٢٤= ١٣٤ ريال.

 

٤. وصلنا لجواب سؤال الرسالة: لماذا تبيع المطاعم البيبسي بثمانية ريالات؟ لأنها لا تريدك أن تطلب بيبسي. بل تريدك أن تطلب العصيرات. عصيرات المطاعم، اسماء جذابة في كاسات ملتوية و بألوان عديدة. خلاصات مسكرة و مركزة مع كريمة و مظلة صغيرة مغروسة في شريحة البرتقال. العصيرات من أهم مصادر ربح المطاعم. بعض مطاعم أوروبا تفرض عليك شراء مشروب مع الأكل لأن الربح فيها. حتى تغريك المطاعم أن تطلب من عصيراتها هذه و التي تباع بخمسة عشر او عشرين ريال تبالغ لك بجنون في أسعار البدائل (اي الماء و البيبسي) ستشعر أن العصير ذو السبعة عشر ريال أرخص من البيبسي ذات الثمانية ريالات. ستقول "أستطيع أن اشتري ثمانية بيبسي من البقالة بثمانية ريالات بعد الخروج من المطعم. لكن أين سأستطيع شرب bahama mama". سيطلب من معك العصير بسبعة عشر ريال و أنت بيبسي بثمانية. تصبح الفاتورة عندها ١٣٤+٢٥= ١٥٩ ريال.

 

لا تنسى ال١٢.٥٪ خدمة. تصبح الفاتورة عندها ١٧٩ ريال. و بذلك ينجح المطعم في أن يرفع سعر فاتورتك من ٩٠ للضعف. و الأهم من ذلك، انه يبيع لك مقبلات، حلويات و مشروبات. وهي ثلاثة منتجات في غاية الربحية. لأنها شوية شيبس مع شريحة كيكة و عصير بحوالي ٩٠ ريال).

 

نستطيع ان نقول ان الاطباق الرئيسية هي الطعم او الفخ. اما الهدف فهو بيع هذه الثلاثة امور. لا تنطبق هذه القاعدة على كل المطاعم. هي خاصة بمطاعم الdining . في مطاعم الوجبات السريعة مثلا تكاد تكون القاعدة مقلوبة حيث ان المشروب قد يكون مجاني مع الوجبة. هذا موضوع آخر.

 

انتهت الرسالة. وارجو ان احصل على تفاعلك بالتعليق.

ان business المطاعم له قواعد. و نجاح المطعم و تحقيقه لأهداف المبيعات و الأرباح المرجوة مرهون بتحقيق هذه القواعد. تفشل الكثير من المطاعم. لاحظت أن الكثير منها قد مرت بالمراحل التالية:

١. يفتتح المطعم، فيسعى اصحابه لزيادة الدخل من خلال زيادة الزوار (شاشة بلازما، اشتراك في الجزيرة الرياضية، تركيب DSL مجاني،...).

 

٢. يزداد الزوار بشكل كبير. لكنهم ياتون لتصفح الانترنت و مشاهدة المباريات. يحجز الزبائن الطاولة لساعات و لا يطلبون إلا رد بول و شاهي.

 

٣. يغضب صاحب المطعم. فيلغي الDSL و يخرج كرت الجزيرة. عندها يخف عدد زوار المطعم بشكل رهيب.

 

٤. وأخيرا، يقرر قرار يعد مقبرة المطاعم........ يحول المحل لشيشة و عرض قناة ميلودي أو روتانا.