moved to a new blog. click on the link

اهلا بك. من باب التطوير انتقلت لمدونة جديدة. كل ما تحتاجه الان ضغطة اخيرة على هذا الرابط. واسف على التاخير.

الأحد، 4 أكتوبر 2009

ممكن ترجعلي ديني!:علمني ولاتفتيلي

المتصل: ألو؟. مقدم البرنامج: ألو السلام عليكم. المتصل: ألوو؟. مقدم البرنامج: ألووو نعم تفضل يا أخي بسؤالك فنحن على الهواء. المتصل: ألوو! مقدم البرنامج: أرجوا أن تخفض صوت التلفاز وأن تسمعنا من الهاتف الله يعافيك. المتصل (بعد ثواني من الصمت المربك): سلام عليكم. مقدم البرنامج: وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته تفضل يا أخي بسؤالك فالشيخ يسمعك . المتصل: ممكن أكلم الشيخ . مقدم البرنامج: الشيخ يسمعك تفضل! المتصل: سلام عليكم يا شيخ. الشيخ: وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته. المتصل: يالشيخ أنا رحت........
 
شعبية برامج الإفتاء اليوم كبيرة في الاذاعة و التلفزيون. فلا توجد قناه عربية رئيسية إلا ولها برنامج إفتاء أو اثنين على الأقل كل أسبوع (تتحول ليومية في رمضان). و كثافة الاتصالات دلالة أخرى على هذه الشعبية الجارفة لبرامج الإفتاء. بل قد تتفق معي أنها تسيطر على البرامج الدينية الأخرى في القنوات. وهذا وضع جديد حيث أن الشعبية الدينية في التلفاز كانت في الثمانينيات و التسعينيات لبرامج علوم وتفسير القرآن (كالشعراوي) و المقاصد الإيمانية (كالطنطاوي). شعبية برامج الأحكام الفقهية أمر جديد. ولعل هذا مؤشر مثير للاهتمام. لكنه موضوع اخر.
 
ولبرامج الإفتاء فوائد كثيرة وعظيمة. كحصول الأجر للمستمع مثلا.ً وكذلك كونها من حلقات الذكر و العلم. و إن لهذه البرامج دلالات جميلة. كدلالة أن الأمة لازالت بخير و زاخرة بالعلماء الذين يمتلكون من العلم ما يمكنهم من أن يسردوا الحكم مدعوماً بالدليل من الحفظ بلا تحضير. و كذلك أن الخير والبحث عن الأحكام و تحري التقوى لازال في أفراد الأمة.
 
و هناك دلالات أخرى أعرض عليك أربعة منها في هذه الرسالة:
 
1. الترف الديني: شعبية برامج الإفتاء اليوم فيها دلالة على ارتفاع درجة الترف الديني لدى الناس. بمعنى أن الشخص لا يرغب في بذل أي جهد لتعلم أو معرفة دينه. فهو كلما أراد فعل شئ سأل. أو أنه بعدما فعله سأل.
 
تخيل أن شخصاً ذهب ليزور مدينة ضخمة و مكتظة لا يعرفها لمدة 20 يوم. يحتاج خلال هذه الفترة زيارة مجموعة من الاماكن وهو يقود سيارة مستأجرة. حتى يذهب و يجئ فيها محققاً اهدافه عنده مجموعة من الحلول:
  • أن يشتري خريطة فيدرسها و يسجل خطط السير.
  • أن يشتري جهاز navigation.
  • أن يذهب لأحد سكان المدينة و يأخذ منه الوصف لكل من المواقع المراد زيارتها.
هذه كلها حلول عملية. لكن تخيل لو أختار أن يكون حله هو أن يخرج كل صباح فيتصل على زميل له من سكان هذه المدينة. ولأنه لا يمتلك خريطة فيأخذ النصف الاول من الوصف. ثم عندما يصل لتلك النقطة يتصل مرة ثانية و يقول :"وصلت للجسر الخشبي. بعدين فين اروح؟".
عندها يعتبر هذا الشخص قد تعامل مع أمر اساسي "كمعرفة الطريق الصحيح" بشئ من الترف. وتكاسل عن تعلم علم ضروري. و كانت ضريبة ذلك أنه كان يضيع في اليوم 100 مرة. ويصل في ساعتين للموقع بدلاً من نصف ساعة وعندما لا يرد زميله يسأل أي شخص في الشارع . لماذا فعل هذا في نفسه؟ لأنه "مدلع" و مترف لا يريد أن يجتهد و يتعلم.
لذاأغلب المتصلين يتعاملون مع معرفة احكام الفقه والفتوى بطريقة تشبه أن تسأل الشيف رمزي لوصفة الباشميل أثناء برامجه التي تبث على الهواء. وتعامل الناس مع احكام الفقه بهذا الشكل فيه دلالة على نظرة الناس لها على أنها علوم ثانوية. من باب "لمن اعوز وصفة فقهية سأتصل على البرنامج".
 
2. اصلا قد لا تكون برامج إفتاء: كنت دائماً لا ارتاح لتسمية هذه البرامج ببرامج إفتاء. حتى أثلج صدري رأى للشيخ محمد الحسن ولد الددو (وهو علامة موريتاني كبير كان له برنامج رائع في رمضان الماضي بعنوان "مفاهيم" قدمه معه الشيع عادل باناعمة) قال فيه: " ....ما يذاع اليوم لا اعتبره فتوى ولكن تعليم....ولا حتى مايحدث في دروس المساجد لا اراه فتوى....ففي الفتوى لا بد أن يكون الشيخ مطلعاً على الاوضاع الخاصة للمستفتي وهذا غير متحقق هنا". معرفة الاوضاع الخاصة مهم. من أمثلتها مارواه ابو هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم ؟ فرخص له ، وأتاه آخر فنهاه ، فإذا الذي رخص له شيخ ، والذي نهاه شاب.
لذا فهي برامج عامة "تعلم الناس الدين" وليست برامج تقدم فتوى خاصة لحبيبة من ليبيا أو ابو راشد من الشارقةأو فاطمة من الاردن. وهذا فرق وإن ظهر لك أنه غير مهم لكنه حساس جداً و سنعود له في نهاية الرسالة.
 
3. إشغال من لا ينبغي اشغاله: محمد من السعودية يسأل عن حكم الصلا ببنطلون برمودة. وسعاد من الجزائر تسأل عن حكم تقليم الاظافر في نهار رمضان. وعبد العظيم من السويد يسأل عن الفرق بين زكاة الفطر والمال. و سارة من جدة تسأل عن حكم أن تؤدي عمرة ل"البوي فرند" المتوفي بعد أن كانت على علاقة غير شرعية معه. بهذا نشغل جهابذة و علماء الامة. وبهذا هم يشغلون انفسهم. بما يمكن لتلاميذ تلاميذ تلاميذهم التعامل معه. فالعالم منهم نشغله ببرنامج أواثنين أسبوعي في التلفزيون و الاذاعة. ثم هناك ثلاثة دروس في المسجد. و ساعتين يوميا يستقبل المستفتين في المكتب. 
"طيب هذا ممتاز و يعني أنه متفاعلين مع الناس". صحيح. لكن تخيل معي مدير المطافي في دوله ما. وانه كلما سمع عن حريق لبس خوذته و "نزل للميدان" مع الافراد ليساعدهم. عندها بدون شك ستتقهقر المطافي في هذه الدوله. لأن مدير المطافي هنا ترك أعمال التخطيط و المشاريع الكبرى و اشغل نفسه بما يمكن لصغار منسوبي دائرة المطافي فعله.

4 .الفتوى كأداة دعوة و اصلاح: نظام الفتوى "تيك-اوي" والذي لا يعرف فيه إلا الاسم الأول المستفتي وبلده يحرم المستفتي في كثير من الاحيان من أن يحصل على الحل الحقيقي لمشكلته. تذكر قصة الشاب والذي ذهب للرسول (صلى الله عليه و سلم) باحثا ًعن فتوى أو ما يرخص له في الزنا. وكيف أن الاطلاع على الحال من الرسول (صلى الله عليه و سلم) عالج تلك الرغبة لدى الشاب بجانب أنه عرف الحكم.
احدى الفنانات المعتزلات تحكي قصة توبتها بانها اختلفت مع المخرج على كلمة في السيناريو. فوضعت شال على رأسها احتراماً وذهبت تستفتي الشيخ الشعراوي رحمه الله في حكم قول هذه الكلمة. فقال لها :"يابنتي سيبيكي دلوأتي من إن ربنا راضي عن الكلمة دي ولاّلأ وخلينا نشوف هل ربنا راضي عن حياتك؟". فما انتهت من الجلسة معه حتى خرجت تائبة شادة الشال على رأسها.
 
لذا, فبرامج الفتوى اليوم بجانب كل ايجابياتها العظيمة فهي: ان يتصل (1) المترف "المدلع او الكسول" دينيا (2) ببرامج فتوى ليست ببرامج فتوى (3)مشغلاً جهابذة الامة و(4)لا يوجد أمل كبير في أن تغير هذه الفتوى مسار حياته.
 
اذن مالحل: منذ متى وهذا الموقع يقدم حلولاً! ولا يمكن أن يكون الحل أن تلغى برامج الفتوى فهذا سيسبب فتنة عظيمة لكن علينا أن نفهم أن ما خلف شعبية برامج الفتوى وكثافة الاتصال هو ليس طلب الفتوى. ولكن صرخة دفينة لطلب العلم الشرعي وفهم الدين. و لوأردت  أن تعرف بعض الحلول التي افكر فيها اليك الاتي:
 
1. ان يذهب الشيخ لاستديوهات القناة عشر ساعات في الأسبوع وليس ساعة. وأن لا يقف أمام الكاميرا يرد على المتصلين لكن خلف الكاميرا مع فريق الانتاج. يطور برامجاً تعليمية معاصرة. تستخدم الجانب البصري و الغرافكس والmind mapping في شرح اصول الفقه.
 
تخيل برنامج كهذا عن الزكاة مثلاً. تخيله يشبه أفلام ناشونال جيوغرافك الوثائقية. برنامج فيه جداول و رسومات و تمثيل لمشاهد حية. من بعدها من بالله عليك سينسى حكم الزكاة في حلي المرأة مثلا؟
 
2. شهادة ال(MBA) أو ماجستير ادارة الأعمال يحصل عليها الكثيرين وهم على رأس العمل من خلال حصص مكثفة. أما أن تكون حصص ليلية أو في أول عطلة نهاية اسبوع من كل شهر. وبعضها يسميexecutive MBA بحيث تناسب هذه المدراء في الشركات. فهي تعطى بشكل فصول دراسية قصيرة و مكثفة.


تخيل تبني هذا المبدأ في تعليم أصول الشرع و الفقه لغير المتخصصين. حيث أن تلقي العلم الشرعي اليوم لا زال باسلوب التلقي. اي قراءه كتاب كامل على يد شيخ. طريقة رائعة للمتخصص لكن غير عملية للعوام.

فلو كنت موظف يمكنك ان تشترك في هذه "الكلية" فتتعلم علوم القران (التلاوة، التجويد، مدخل للتفسير) و الفقه و السيرة و العقيدة. كل ذلك من خلال "حصص" مدعومة بكتب و برامج softwareفي 3 ليالي في الاسبوع أو أول ويك-اند من كل شهر.
 
3. وجود قنوات للتعلم يمكن توجيه المستفتي لها. مثال:" المتصل: يا شيخ انا كذا كذا كذا. ماالحكم؟ الشيخ: اذهب لموقع كذا في الانترنت وافتح باب كذا ستجد عنوان اجابة سؤالك. مافي انترنت؟: اشتري أو استعير كتاب كذا. مافي الكتاب؟: اتصل على مركز الدعوة في مدينتك و رقمه كذا. مافي تلفون؟: ماتسأل عنه حكمه حرام."

هناك 12 تعليقًا:

جاسم الغامدي يقول...

شكرا ياسر مع انك اول مره تتطرق لمواضيع شائكة بهذا الشكل.
لا أملك الوقت للتعليق على كل النقاط التي أثرتها (وهي مهمة) لكن سأكتفي بماختتمت به رسالتك عن انتاج برامج دينيه تنافس في إخراجها البرامج الوثائقية التي ذكرت.
لعلي أؤيدك بقوة واتمنى فعلا من شركات الانتاج المحلية وضع ايدهم على أيدي العلماء بدلا من الالتفاف على حفنة من الكتّاب الفارغين والممثلين الهابطين الذين نجحو في تدمير روحانية شهر رمضان..

غير معرف يقول...

السلام عليكم
تماما ياأخ ياسر هذا ما نشاهده في رمضان وهذا السبب الذي يجعاني لا احب هذا النوع من البرامج
والجمهور يسأل اسئله بديهية جدا تجعلني انتقل الى قناة اخرى فورا
شكرا لك
وبداية طيبة

ياسر بكر يقول...

شكرا ياجاسم. واختيارك لنقطة الختام يسعدني. حيث ان النقاش حول الحلول العملية هو الاولى.

وشكرا كذلك لصاحب التعليق الثاني.

خالد يقول...

جمييييل يا أخ ياسر ..


أعجبت بجمال الموضوع من مقدمة و ختام و هي أول تدوينة أقرأها

لم تكتف بالتذمر بل ختمتها بمقترحات راااائعة كحلول عملية


فعلا تعودنا على الاتكالية بشكل رهيب
و أسوأها عندما تكون جهلا بأيدينا بأحكام الدين الأساسية

خالد يقول...

تعليق نسيته حول الترف

الدكتور محمد موسى الشريف

أذكر له كتاب أو فصل في كتاب
حول مسألة الترف
و انواعه فكري ، ثقافي ، المادي
المعنوي

و انت جبتها بالصميم

غير معرف يقول...

السلام عليكم..مقال جدا مهم..وانااتمنى ان تضع النقطة الثاني وهي انها ليست بالفتوى بالمرتبة الاولى!لان الفتوى يجب ان يجتمع عدة علماء من كل البلدان في مكان واحد وقد يتناقشوا في قضية واحدة فقط لحلها لمدة اشهر واحيانا يجب وجود اطباء معهم حتى يتضح الجواب الشافي ولهذا تعقد مؤتمرات اسلامية! وهؤلاء في التلفاز يقررون في ثانية!الفقه غير الفتوى تماما!
شكرا كل الشكر على المقال

ياسر بكر يقول...

شكرا يا خالد. نعم الاتكالية مصيبة. و الترف في الفكر مشكلة تحتاج لحل.

وشكرا لمن فصل في الفرق بين الفتوى و تعليم الفقه.

Unknown يقول...

Dear Yaser, I don't know if you watched 37 degrees at MBC1, it's a Saudi sitcom (like scrubs), I really love it, I encourage you to watch it, it will inspire you on some social aspects of this generation, I'd like to see your view on that show. the show is from Sat. to Thu. at 7:15 or 7:30 PM
Enjoy

عبدالرحمن إسحاق يقول...

فعلاً، تدوينة رائعة
شكراً ياسر

Rayan Jamal يقول...

من النادر أن تجد كاتبا في مدونة على هذه الدرجة من التميز سواء في الأسلوب أو المضمون..

أتفق معك في طل ما ذكرت ولكن أستغرب من الاسم ترف ديني. فهل هو ترف متعلق بالدين أم هو ترف متعلق بالمعرفة الدينية.

سأستمر في متابعة مقالاتك

ياسر بكر يقول...

شكرا يا ريان على كلامك الجميل. و المقصود بالترف في الرسالة هو الترف في التكاسل عن التعلم. اي عدم التعامل مع الدين كعلم ولكن بطريقة

case by case

شکر الله يقول...

جمیل