"دخلنا في الغميق" صح؟ فالسؤال كبير. ولم اتجرأ ان اطرحه الا لكثرة المتذمرين من حولي من وظائفهم. هناك احتمال كبير انك لست في قمه السعادة في وظيفتك. واذا كنت صادقا مع نفسك اكثر لعلك حتى لم تصل لاستنتاج مقنع لدور الوظيفة في حياتك. اذا فاسمح لي ان اجيب لك على هذا السؤال. و لانه مهم فسندخل فيه بدون لف او دوران. هدف الوظيفه في حياتك هو امر يختلف بحسب من انت.
نحن عموما نظلم الوظيفة. نتوقع منها ان تحقق لنا كل الاتي:
1. الفوائد الملموسه او المادية (راتب، بدلات، تامينات، تذاكر,.....)
2. الفوائد آو المزايا المعنوية (مسمى وظيفي، منصب وجاه، بلاك بيري, موقف سيارة مظلل, زملاء عمل مسللين وجو رائع,.....)
3. التعلم و التطور.
اذا كنت تتوقع ان تحصل على هذا كلة من الوظيفة فانت مبالغ. حقيقه الامر هو انه لو افلحت الوظيفة في تحقيق واحد فقط من هذه الامور لك ففي ذلك نجاح رهيب لها. لنطرح السؤال مرة اخرى: ماهدف الوظيفة في حياتك؟ حتى تصل للاجابه عليك ان تسال نفسك سؤالين. اسئل نفسك هذه الاسئله بالترتيب. اذا اجبت ب"نعم" على اي منها توقف. فقد وجدت الاجابه. اما اذا كانت الاجابه على السؤالين ب"لا" فسيكون هناك اقتراح لدور الوظيفة في حياتك. لنبداء.
س١: هل وظيفتك الحالية تجعلك تعمل ما تحلم به؟ هناك فئة محظوظة. محظوظة جداً. فئة تجد الحلم فيما تعمل به أصلا. هل انت منهم؟ خلال السنوات الماضية قرأت العديد من القصص التي تحكي عن أناس يعيشون الحياة الحلم. حياة يكون فيها الإنسان يعمل لما يحب. لم تحركني أي من هذه القصص العالمية كما فعلت قصة حدثت على بعد 45 كم مني وسمعتها في احدى المحاضرات. القصة كالآتي:
مسئول شؤون الموظفين في الشركة التي تقدم خدمات النظافة في الحرم المكي لاحظ أمر غريب. أحد عمال النظافة لم يستلم آخر ستة رواتب! أرتبك مسئول الموظفين. بدأ يفكر بما يمكن ان حدث لهذا الرجل. هؤلاء العمال لا يعرفون أحد. وهم فقراء. ازدادت حالته ارتباكاً عندما عرف من المشرفين أنه على رأس العمل كل يوم. يأتي كل يوم ليقوم بعمله. هو كبير في السن. يعرفه الجميع ويحبه. لماذا لم يستلم راتبه إذن؟ ألم يشرح له أحد نظام استلام الرواتب؟ هل موظف صرف الرواتب يخدعه ويختلس أمواله؟ مسئولية جعلته يعيش ساعات صعبة. وأخيراً التقى به. "يا أبويه" بهذه الكلمة المكاوية الشهيرة لعله أستقبله. “ إنتا ليش 6 شهر مافي شيل راتب؟ أيش في مشكلة؟" الشاهد من القصة في الرد.
رد هذا الرجل الكبير في السن هو: أنه ببساطة لا يحتاج لهذا الراتب! فهذا الرجل من الأغنياء. أسس شركة يديرها أولاده. وكان حلم حياته أن يعمل في خدمة الحرم. قدم على الوظيفة وجاء بفيزا عامل نظافه. يكنس المسعى. يملأ جوالين زمزم ويزيل المخلفات من الساحات. إذا قامت الصلاة صلى. إذا انتهى الدوام عاد لسكن العمال أو بقى قليلاً. يفيض سعادة وهو يحقق حلم حياته. الاتكاء على أحد أعمدة الحرم وهو يتأمل الكعبة .كل ما أراد المال، يتصل بأحد أولاده ليقوم بتحويل له مبلغ. ختم هذا العامل بقوله "هذا راتب أنا ما في أبغى. سوى صدقة أحسن".
تكملة الموضوع و علاقة القصة به في الرسالة القادمة ان شاء الله.