"مشكلتنا كلها في التحكيم. ما شفت مباراة الاهلي و الشباب؟" "اكبر مشكلة رؤساء الاندية و طرق ادارتهم" "جسم اللاعب السعودي او العربي هو المصيبة" "لجان اتحاد كرة القدم" "محمد نووووووور!" "عكاظ، الرياضية و باقي الجرائد"
ماهي مشكلة الكورة و الدوري في بلدنا؟ (ولا اقصد هنا المنتخب. المنتخب مشكلته سهلة. كلما تهمل المنتخب على حساب الدوري يتحسن المنتخب. قاعدة غريبه لكن مثبتة).
احب كثيرا تعبير في اللغة الانجليزية و هو (the elephant in the room) يقال عندما تتجاهل المشكلة الواضحه و ينظر للفرعيات. كأن تدخل مجموعة لغرفة فيها "شي غلط" فيجتهدوا ويذكرو اسباب مثل "لون الستائر" "نوع الفرش" "وسع الباب" مع ان في ركن الغرفة فيل كبير! فيتجاهله الكل، و يحاولو ان يجدوا مبررات اخرى للشئ الغلط في الغرفة.
ماهو فيل الكرة في بلدنا؟ انه المال. مشكلة الكرة ان هذا القطاع ليس فيه مال. يعيش على صدقات الاثرياء ودعم الدولة من خلال رعاية الشباب. فميزانية اغلب فرق الدوري اقل من سعر لاعب في بشكتاش التركي او لشبونة البرتغالي. لكن بدل من ان يشار لهذا الفيل (اي المال) الذي يلعب بخرطومه هادئا في الركن، يشغل الناس نفسهم بامور لاعلاقة لها بالموضوع كالتحكيم و الرؤساء و حبيبي محمد نور. والذي يعيش معه مجانين الاتحاد امثالي اغرب علاقة حب و كره. في تسعين دقيقة لا نغضب او نفرح من احد بقدره. ادعوا لنا بالشفاء يا مشجعي باقي الفرق.
"لكن المال ليس كل شئ، اليوم متصدر الدوري الالماني فريق درجة رابعة ميزانيته ٤ مليون يورو. و ثاني العالم و بطل امريكا الجنوبية فريق اكوادوري ميزانيته ٦ مليون دولار"
طبعا المال هو كل شئ. ووجود استثناءات لا تنفي القاعدة. هل هي صدفة ان اقوى مسابقات اوروبا (المانيا، ايطاليا، انجلترا، اسبانيا و فرنسا) هي نفسها اقوى اقتصادات في اوروبا.
"قاعدتك مضروبه، لم إذن الدوري الامريكي ضعيف مع ان اقتصادهم قوي؟ في حين ان هولندا مثلا لها دوري اقوى وهي اقتصاد متوسط؟ وللارجنتين منتخب عظيم و هي اقتصاد صغير؟"
في امريكا يلعبون ويهتمون برياضات اخرى. اما الارجنتين فالرسالة عن الدوري و ليست عن المنتخبات. و اما هولندا فهي استثناء اخر. وذلك لان كلويفرت، خوليت، ريكارد، دافيدز، سيدورف، وينتر، هاسلبانك، بابل و غيرهم من الاساطير الهولندية هم من دولة في امريكا الجنوبية كانت تستعمرها هولندا. اسمها اليوم سورينام. دولة عدد سكانها من قلتهم يمكن حشرهم في حي من احياء الرياض. من حظ هولندا ان هذا العرق من البشر في سورينام له موهبة كرة عجيبة اشبه بتلك التي في حواري ريو ديجانيرو و ضفاف الامازون.
انه المال، كما اشار له الاسطوره الحسن اليامي الاسبوع الماضي وهو يضطر ان يشحت على الهواء من اجل فريقه نجران. فعندما فاز الاتحاد والهلال على الوطني و نجران بالسبعة لم يكن فوز ١١ رجل على ١١ رجل. بل فوز ملايين الريالات على القروش.
هو المال. فكر في الموضوع. في السعودية تستطيع ان تحصل على غرفة فندق او طبق دجاج ينافس (او على الاقل يقارن) بتلك التي في اوروبا. لكن دورينا لا يقارن بالدوري الاوروبي. نحن تقريبا نلعب لعبة اخرى من شدة الاختلاف. عندما اتنقل عند المشاهدة بين مباراة محليه واخرى اوروبية في نفس الوقت يأتيني صداع نصفي.
السبب هو ان الجانب الاقتصادي غائب في الكرة. تخيل لو ان الفنادق تمتلكها و تديرها وزارة السياحة و المطاعم وزارة التجارة. تخيل مستوى الجونيور سويت او التشيزبرغر وقتها. ليس فقط عندنا بل في اي بلد في العالم. فلو اردت مخدة اضافية مثلا تقدم طلب مع صورة شمسية قبل تاريخ وصولك للفندق ب٢١ يوم. مبالغة؟ لا اعتقد.
انتهت الرسالة و تحليل الظاهرة. و استأذن مهوسين الكرة قليلا لأخذ رأيهم فيما هو الحل للموضوع.
تعرض الاندية للبيع و تخصخص فورا. وتقدم رعاية الشباب مواصفات لمن يرغب في الشراء. من لا يجد زبون يبقى على حاله حتى يأتيه زبون او تقم رعاية الشباب بعمل تخفيضات. مالذي سيحدث؟ شركة او جهه (ارامكو مثلا) تشتري نادي (النهضة مثلا) لان هذا يحقق لارامكو العديد من الاهداف الاقتصادية (كالدخل و الربح) الاستراتيجية (كتوسيع دائرة الاستثمار) و الاجتماعية (كخدمة المجتمع من خلال التكاتف مع رعاية الشباب و المساهمة في نهضة المنطقة الشرقية). تعين ارامكو مدير للنادي ولعله مدير مرموق في اداره المرافق في ارامكو او اداري رياضي بريطاني. وتوفر له ميزانية "متواضعة جدا" بالنسبة لاستثمارات ارامكو قدرها ٣٠٠مليون ريال فقط! . صعبة على ارامكو؟ هل سيكون اصعب من ادارة و بناء مدن و جامعات؟ هذا ما يفعلوة الان.
وهكذا، اذا لم تعجبك ارامكو فأعد المثال باستخدام جهات اخرى (بنك الراجحي، الامير الوليد، اتحاد وكالات السيارات اليابانية،.......)
عند الاحتراف في أي مجال (رياضة او تجاره او صناعة)، اذا اهمل الجانب الاقتصادي مقابل الجودة يتدمر و ينهار هذا المجال. فلو جاء مدير مصنع شامبو وقدم للسوق افضل شامبو. لكن المصنع من خسارة ماديه لخسارة كل سنه. عندها يعتبر مدير فاشل. نفس الشئ لو فاز نادي بكل البطولات لكن في الميزانية عجز.