moved to a new blog. click on the link

اهلا بك. من باب التطوير انتقلت لمدونة جديدة. كل ما تحتاجه الان ضغطة اخيرة على هذا الرابط. واسف على التاخير.

الخميس، 8 مايو 2008

(تابع) لماذا المتسولين فقراء؟ الجزئ الثاني

في الاسبوع الماضي سألنا لماذا المتسولين والباعة المتجولين فقراء. في البداية أظهرنا كيف ان التسول يحقق دخل جيد. لكن التقارير الصحفية و تلك الصادرة من الجمعيات الخيرية تؤكد ان المتسولين يعيشون في فقر. ثم نظرنا الى ظاهرة اخري وهي ارتباط مهن التسول والبيع غير القانونية بأناس من جنسيات او أصول عرقية مشابهة (بائعات اللبان والمناشف الافغان و البخاريون، بائعي الافلام من اليمن، غسيل السيارات شباب من افريقيا،....).

لنجيب على هذا السؤال اولا. السبب في توحد جنسيات مهن التسول المختلفة هو ان هذه "مافيات". المافيا يسميها رجال القانون "الجريمة المنظمة" .والتعريف المحايد لها هي انها موسسات منظمة تتبع قائمة قوانين خاصة التي قد تخضع او لا تخضع للقانون. ولأن المافيات عليها ان تحمي نفسها بنفسها، تجدها دائما تميل الى ان تتشكل من نفس الجنسية او العرق .ايضا، تحرص الادارة العليا في المافيا على وضع سيطرة شديدة على افراد المنظمة. لانه لو تسبب احد افراد هذه المافيا بمشكله فلا يمكن للرئيس الذهاب و تقديم شكوى لدى العمل و العمال. لذا تحرص المافيات ان تبقي الفئة العاملة في المنظمة محتاجة لهذه المافيا ولا يمكنهم الاستغناء عنها.هذه الفئة العامله تحتاج لهذه المافيا لاسباب ترغيبية و ترهيبية كثيرة. منها بأن وضعهم في البلاد غالبا ما يكون غير قانوني. او بسبب ان النشاط اللذي يقومون به غير قانونيوتحرص المافيا ايضا على ان يكون دخل هؤلاء العمال محدود .بل حتى ان يظلو فقراء، يأتيهم ما يكفي بالكاد لكي يعيشوا. والا  تمردوا.


ٍقد تعتقد ان هذا التفسير فيه شطح. لعل السبب الصورة المحفورة في اذهاننا عن المافيا من الافلام. انا لا اتحدث عن تشكيلات كتلك اللتي في افلام Al Pacino  الوضع طبعا مختلف.


هؤلاء الباعة المتجولون لا يبيعون لأنفسهم .فكر فيها .فكر كيف ان سعر هذه المناشف ينتفل من 6 ريالات الى 10 ثم الى 12 ثم الى 16 في لمح البصر. فكر كيف ان فتاة اللبان حتى لو اعطيتها ريال وتقول لها "روحي، ما ابغا لبان" فسترمي لك اللبان في كل الاحوالوكيف ان بائع الافلام يترك معك الرزمة في السيارة ويذهب لعميل اخر مما يمكنك ان تأخذ منها ما تشاء .هذا الاهمال له تفسير واحد؛ انهم موظفون في منظمة. ان هذا اللبان والمناشف والسيديهات هي مجرد عدة الشغل. مثل ما ان الفواتير الطبيه و طلبات السداد و اظهار العاهات (عافعنا الله واياكم) هي ايضا عدة الشغل للمتسول. كل ما يهم المافيا هو ما يحققوه هؤلاء الافراد من غلة في نهاية اليوم.


الدور الرئيسي للمافيا هو ليس بالضرورة توفير البضائع ولكن توفير الحمايه و التنظيم لعملية التسول والبيع. لذا، فيحتاج للمافيا المتسول حتى يمارس عمله. كل صباح، ينزل من على ظهر "وانيت" مجموعه من السيدات الافريقيات في تقاطع مهم قرب منزلي. يقمن بالتسول عند الاشارات و الشوارع المجاوره للقصور. او الدوران بعربات اطفال قديمة عليها علب ببسي وكراتين فارغة. لسنوات عديده، استمر هذا الامر لليوم وبانضباط لا يكون نتيجه صدفة او عمل فردي.

هذا التنظيم الدقيق للوقت و المكان. بالاضافه لاستمراريه الظاهره فيه دلاله واضحة للنظريه المطروحه. كتاب Freakonomics  للكاتبينLevitt and Dubner  كان منه الالهام للبحث في هذه المسئلة.  يستعرض الكتاب تحقيق قام به صحفي تحري حاول كشف مافيا المخدرات في امريكا. بناء على ماكشفه هذا التقرير، و اذا راقبت بائعي الافلام في سوق الخالدية لفترة قصيرة ستكتشف ان ال Organizational Structure قد يكون كالاتي:


بابا كبير                    

معلم منطقة(سوق الخالدية)           معلم منطقة 

                ريس       ريس        ريس                                          

                                                   بائع       بائع      بائع                                            



البائعين غلابا .يستلمون رزمة افلام بداية اليوم ويعيدوها نهاية اليوم مع الدخل للريّس .والريّس يسلم الغلة للمعلم، والمعلم يسلمها للبابا كبير.

والبابا كبير هو ال God Father . يمتلك علاقات تمكنه من الحصول على الافلام فور نزولها لسوق القرصنة العالمي (في الماضي كانت افلام مهربة اما الان فغالبا تحمل من النت ). يمتلك محطة العمل لنسخ وتغليف السيديهات، وقد حتى يمتلك علاقات تجعل مندوبي البلدية لا يأتون كثيرا لمنطقة العمل


لذا فنهاية الامر هي ان هؤلاء المتسولين والباعة فقراء .يحصلون على فتات مما يجمعون .ليس فقط لأن بابا كبير طماع لكن حتى يظلوا في حاجته دائما ويعملوا بجد اكثر.


سؤال قد تفكر فيه الان "ما الدليل؟". لو كان عندي دليل لما احتجت لهذه القصه الطويلة. ما قمنا بعمله هنا هو اننا نظرنا الى مجموعه من الظواهر المثبته. ازلنا منها مالايساعدنا للوصول للحل وابقينا حقيقتين:

  1.  المتسولون والباعة فقراء حسب التقارير و التحقيقات.
  2. الارتباط بين النشاط و الجنسيات او الاصول العرقية المتشابهة.

كان تفسير المافيا هو ارجح تفسير. سؤال الاسبوع القادم هو: لم هو صعب علي البقالات بيع الماء باكثر من ريال وسهل على المطاعم؟

ملاحظة اخيرة، لاتستخدم هذا التفسير للتتوقف عن دفع الصدقات. تكون قد أسأت فهم الرسالة. لم يكن هذا ماكتب الموضوع من أجله. لكن رجال الدين دائما يخبروننا انه من المفترض ان يكون الانسان اكثر حرصا واقل كسلاً عندما يتبرع. بذلك يضمن الفائدة الكبرى من صدقته. جرب هذه الفكرة: كلما جاءك متسول لست متأكدا من حالته اخرج المبلغ اللذي كنت ستعطيه اياه و احتفظ به. بعد ذلك تبرع بالمبالغ في مصارفها المناسبة و المعتمدة.

هناك 4 تعليقات:

Caesar يقول...

Thank you.

True journalism starts with an investigation, not with copying & pasting Reuters.

Wa barak Allah lak, for the last paragraph. It is our blind generosity that keeps us feeding the same mafia organizations that corrupt our country.

ياسر بكر يقول...

شكرا لك caesar
ماذكرته مهم جدا. و كذالك الايضاح الذي ارسلته لي بالايميل. لذا، وجدت انه من الضروري عرضه للجميع:
" هناك سطحية في تحليل الصحافة عندنا لمختلف الظواهر في المجتمع. لذا، ناقش الاعلام قضيه ان "المتسولين الاغنياء" كثيرا. ولكنه يركز دائما على قضية فرعية وهي دخل المتسولين بدلا من القضية الاساسية وهي " الجريمة المنظمة"، السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة و المستفيد الحقيقي منها. في حين ان المتسول ضحية و التركيز عليه لن يحل المشكلة"

Najiah يقول...

إذا عرف السبب .... بطل العجب !
شكرا ياسر ، تحليل عميق جدا لكنه وصل والحمدلله ،
أصبحت لدي خلفية ثقافية اقتصادية منطقية فقط عن طزيق متابعة رسائلك ،
شكرا مرة أخري ....

last.moment.man يقول...

كتبت تعليقا على هذا الموضوع عندما نشر ، ولكن الموقع بدأ يسأل أسئلة سخيفة ، من قبيل أن يكون لي حساب عندهم .!

وقلت في تعليقي بإختصار أن الفقير فقير لأنه ورث الفقر الفكري من والديه .! والغني غني لأنه ورث الغنى الفكري من والديه .!

يعني أن الفقراء في معظم الأحيان سيبقون فقراء مهما حصلوا على أموال ، والأغنياء سيبقون أغنياء مهما خسروا .!

وهذه الملاحظة لاحظتها في تلك المجتمعات الفقيرة عندما يجد الأب بضربة حظ راتبا كبيرا في شركة ما .
فمع أن دخله كبير ، ويستطيعون أن يعيشوا حياة مرفهة كما يعيشها السويسريون ! فإنهم يبقون فقراء سلوكيا دائما .

وأبسط مثال على ذلك عندما تزور فلة يعيش فيها أمثال هؤلاء الناس ، حيث تجد أن أحذية أصحاب البيت تتناثر أمام مدخل الفلة حتى تظن أنك تدخل مسجدا .!

والسبب أن سكان البيت ليس لديهم ما يكفي من الخلفية الثقافية لكي يشتروا أرففا للأحذية عند الباب ، ويكون لديهم ذوق لكي ينزعجوا من منظر الأحذية المتناثرة فيضعوها في مكان مناسب .!