moved to a new blog. click on the link

اهلا بك. من باب التطوير انتقلت لمدونة جديدة. كل ما تحتاجه الان ضغطة اخيرة على هذا الرابط. واسف على التاخير.

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

لماذا هو امر جيد اننا لم نتاهل لكاس العالم؟

اهلا بك. من باب التطوير انتقلت لمدونة جديدة ستجد عليها هذه الرسالة وكافة الرسائل الاخرى. كل ما تحتاجه الان ضغطة اخيرة على هذا الرابط. واسف على التاخير.


الأحد، 4 أكتوبر 2009

ممكن ترجعلي ديني!:علمني ولاتفتيلي

المتصل: ألو؟. مقدم البرنامج: ألو السلام عليكم. المتصل: ألوو؟. مقدم البرنامج: ألووو نعم تفضل يا أخي بسؤالك فنحن على الهواء. المتصل: ألوو! مقدم البرنامج: أرجوا أن تخفض صوت التلفاز وأن تسمعنا من الهاتف الله يعافيك. المتصل (بعد ثواني من الصمت المربك): سلام عليكم. مقدم البرنامج: وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته تفضل يا أخي بسؤالك فالشيخ يسمعك . المتصل: ممكن أكلم الشيخ . مقدم البرنامج: الشيخ يسمعك تفضل! المتصل: سلام عليكم يا شيخ. الشيخ: وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته. المتصل: يالشيخ أنا رحت........
 
شعبية برامج الإفتاء اليوم كبيرة في الاذاعة و التلفزيون. فلا توجد قناه عربية رئيسية إلا ولها برنامج إفتاء أو اثنين على الأقل كل أسبوع (تتحول ليومية في رمضان). و كثافة الاتصالات دلالة أخرى على هذه الشعبية الجارفة لبرامج الإفتاء. بل قد تتفق معي أنها تسيطر على البرامج الدينية الأخرى في القنوات. وهذا وضع جديد حيث أن الشعبية الدينية في التلفاز كانت في الثمانينيات و التسعينيات لبرامج علوم وتفسير القرآن (كالشعراوي) و المقاصد الإيمانية (كالطنطاوي). شعبية برامج الأحكام الفقهية أمر جديد. ولعل هذا مؤشر مثير للاهتمام. لكنه موضوع اخر.
 
ولبرامج الإفتاء فوائد كثيرة وعظيمة. كحصول الأجر للمستمع مثلا.ً وكذلك كونها من حلقات الذكر و العلم. و إن لهذه البرامج دلالات جميلة. كدلالة أن الأمة لازالت بخير و زاخرة بالعلماء الذين يمتلكون من العلم ما يمكنهم من أن يسردوا الحكم مدعوماً بالدليل من الحفظ بلا تحضير. و كذلك أن الخير والبحث عن الأحكام و تحري التقوى لازال في أفراد الأمة.
 
و هناك دلالات أخرى أعرض عليك أربعة منها في هذه الرسالة:
 
1. الترف الديني: شعبية برامج الإفتاء اليوم فيها دلالة على ارتفاع درجة الترف الديني لدى الناس. بمعنى أن الشخص لا يرغب في بذل أي جهد لتعلم أو معرفة دينه. فهو كلما أراد فعل شئ سأل. أو أنه بعدما فعله سأل.
 
تخيل أن شخصاً ذهب ليزور مدينة ضخمة و مكتظة لا يعرفها لمدة 20 يوم. يحتاج خلال هذه الفترة زيارة مجموعة من الاماكن وهو يقود سيارة مستأجرة. حتى يذهب و يجئ فيها محققاً اهدافه عنده مجموعة من الحلول:
  • أن يشتري خريطة فيدرسها و يسجل خطط السير.
  • أن يشتري جهاز navigation.
  • أن يذهب لأحد سكان المدينة و يأخذ منه الوصف لكل من المواقع المراد زيارتها.
هذه كلها حلول عملية. لكن تخيل لو أختار أن يكون حله هو أن يخرج كل صباح فيتصل على زميل له من سكان هذه المدينة. ولأنه لا يمتلك خريطة فيأخذ النصف الاول من الوصف. ثم عندما يصل لتلك النقطة يتصل مرة ثانية و يقول :"وصلت للجسر الخشبي. بعدين فين اروح؟".
عندها يعتبر هذا الشخص قد تعامل مع أمر اساسي "كمعرفة الطريق الصحيح" بشئ من الترف. وتكاسل عن تعلم علم ضروري. و كانت ضريبة ذلك أنه كان يضيع في اليوم 100 مرة. ويصل في ساعتين للموقع بدلاً من نصف ساعة وعندما لا يرد زميله يسأل أي شخص في الشارع . لماذا فعل هذا في نفسه؟ لأنه "مدلع" و مترف لا يريد أن يجتهد و يتعلم.
لذاأغلب المتصلين يتعاملون مع معرفة احكام الفقه والفتوى بطريقة تشبه أن تسأل الشيف رمزي لوصفة الباشميل أثناء برامجه التي تبث على الهواء. وتعامل الناس مع احكام الفقه بهذا الشكل فيه دلالة على نظرة الناس لها على أنها علوم ثانوية. من باب "لمن اعوز وصفة فقهية سأتصل على البرنامج".
 
2. اصلا قد لا تكون برامج إفتاء: كنت دائماً لا ارتاح لتسمية هذه البرامج ببرامج إفتاء. حتى أثلج صدري رأى للشيخ محمد الحسن ولد الددو (وهو علامة موريتاني كبير كان له برنامج رائع في رمضان الماضي بعنوان "مفاهيم" قدمه معه الشيع عادل باناعمة) قال فيه: " ....ما يذاع اليوم لا اعتبره فتوى ولكن تعليم....ولا حتى مايحدث في دروس المساجد لا اراه فتوى....ففي الفتوى لا بد أن يكون الشيخ مطلعاً على الاوضاع الخاصة للمستفتي وهذا غير متحقق هنا". معرفة الاوضاع الخاصة مهم. من أمثلتها مارواه ابو هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم ؟ فرخص له ، وأتاه آخر فنهاه ، فإذا الذي رخص له شيخ ، والذي نهاه شاب.
لذا فهي برامج عامة "تعلم الناس الدين" وليست برامج تقدم فتوى خاصة لحبيبة من ليبيا أو ابو راشد من الشارقةأو فاطمة من الاردن. وهذا فرق وإن ظهر لك أنه غير مهم لكنه حساس جداً و سنعود له في نهاية الرسالة.
 
3. إشغال من لا ينبغي اشغاله: محمد من السعودية يسأل عن حكم الصلا ببنطلون برمودة. وسعاد من الجزائر تسأل عن حكم تقليم الاظافر في نهار رمضان. وعبد العظيم من السويد يسأل عن الفرق بين زكاة الفطر والمال. و سارة من جدة تسأل عن حكم أن تؤدي عمرة ل"البوي فرند" المتوفي بعد أن كانت على علاقة غير شرعية معه. بهذا نشغل جهابذة و علماء الامة. وبهذا هم يشغلون انفسهم. بما يمكن لتلاميذ تلاميذ تلاميذهم التعامل معه. فالعالم منهم نشغله ببرنامج أواثنين أسبوعي في التلفزيون و الاذاعة. ثم هناك ثلاثة دروس في المسجد. و ساعتين يوميا يستقبل المستفتين في المكتب. 
"طيب هذا ممتاز و يعني أنه متفاعلين مع الناس". صحيح. لكن تخيل معي مدير المطافي في دوله ما. وانه كلما سمع عن حريق لبس خوذته و "نزل للميدان" مع الافراد ليساعدهم. عندها بدون شك ستتقهقر المطافي في هذه الدوله. لأن مدير المطافي هنا ترك أعمال التخطيط و المشاريع الكبرى و اشغل نفسه بما يمكن لصغار منسوبي دائرة المطافي فعله.

4 .الفتوى كأداة دعوة و اصلاح: نظام الفتوى "تيك-اوي" والذي لا يعرف فيه إلا الاسم الأول المستفتي وبلده يحرم المستفتي في كثير من الاحيان من أن يحصل على الحل الحقيقي لمشكلته. تذكر قصة الشاب والذي ذهب للرسول (صلى الله عليه و سلم) باحثا ًعن فتوى أو ما يرخص له في الزنا. وكيف أن الاطلاع على الحال من الرسول (صلى الله عليه و سلم) عالج تلك الرغبة لدى الشاب بجانب أنه عرف الحكم.
احدى الفنانات المعتزلات تحكي قصة توبتها بانها اختلفت مع المخرج على كلمة في السيناريو. فوضعت شال على رأسها احتراماً وذهبت تستفتي الشيخ الشعراوي رحمه الله في حكم قول هذه الكلمة. فقال لها :"يابنتي سيبيكي دلوأتي من إن ربنا راضي عن الكلمة دي ولاّلأ وخلينا نشوف هل ربنا راضي عن حياتك؟". فما انتهت من الجلسة معه حتى خرجت تائبة شادة الشال على رأسها.
 
لذا, فبرامج الفتوى اليوم بجانب كل ايجابياتها العظيمة فهي: ان يتصل (1) المترف "المدلع او الكسول" دينيا (2) ببرامج فتوى ليست ببرامج فتوى (3)مشغلاً جهابذة الامة و(4)لا يوجد أمل كبير في أن تغير هذه الفتوى مسار حياته.
 
اذن مالحل: منذ متى وهذا الموقع يقدم حلولاً! ولا يمكن أن يكون الحل أن تلغى برامج الفتوى فهذا سيسبب فتنة عظيمة لكن علينا أن نفهم أن ما خلف شعبية برامج الفتوى وكثافة الاتصال هو ليس طلب الفتوى. ولكن صرخة دفينة لطلب العلم الشرعي وفهم الدين. و لوأردت  أن تعرف بعض الحلول التي افكر فيها اليك الاتي:
 
1. ان يذهب الشيخ لاستديوهات القناة عشر ساعات في الأسبوع وليس ساعة. وأن لا يقف أمام الكاميرا يرد على المتصلين لكن خلف الكاميرا مع فريق الانتاج. يطور برامجاً تعليمية معاصرة. تستخدم الجانب البصري و الغرافكس والmind mapping في شرح اصول الفقه.
 
تخيل برنامج كهذا عن الزكاة مثلاً. تخيله يشبه أفلام ناشونال جيوغرافك الوثائقية. برنامج فيه جداول و رسومات و تمثيل لمشاهد حية. من بعدها من بالله عليك سينسى حكم الزكاة في حلي المرأة مثلا؟
 
2. شهادة ال(MBA) أو ماجستير ادارة الأعمال يحصل عليها الكثيرين وهم على رأس العمل من خلال حصص مكثفة. أما أن تكون حصص ليلية أو في أول عطلة نهاية اسبوع من كل شهر. وبعضها يسميexecutive MBA بحيث تناسب هذه المدراء في الشركات. فهي تعطى بشكل فصول دراسية قصيرة و مكثفة.


تخيل تبني هذا المبدأ في تعليم أصول الشرع و الفقه لغير المتخصصين. حيث أن تلقي العلم الشرعي اليوم لا زال باسلوب التلقي. اي قراءه كتاب كامل على يد شيخ. طريقة رائعة للمتخصص لكن غير عملية للعوام.

فلو كنت موظف يمكنك ان تشترك في هذه "الكلية" فتتعلم علوم القران (التلاوة، التجويد، مدخل للتفسير) و الفقه و السيرة و العقيدة. كل ذلك من خلال "حصص" مدعومة بكتب و برامج softwareفي 3 ليالي في الاسبوع أو أول ويك-اند من كل شهر.
 
3. وجود قنوات للتعلم يمكن توجيه المستفتي لها. مثال:" المتصل: يا شيخ انا كذا كذا كذا. ماالحكم؟ الشيخ: اذهب لموقع كذا في الانترنت وافتح باب كذا ستجد عنوان اجابة سؤالك. مافي انترنت؟: اشتري أو استعير كتاب كذا. مافي الكتاب؟: اتصل على مركز الدعوة في مدينتك و رقمه كذا. مافي تلفون؟: ماتسأل عنه حكمه حرام."

الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

لماذا الحضارم اغنياء

بقشان، بن لادن، بن محفوظ، بغلف، باسمح... عند ذكر هذه العوائل الحضرمية (و غير هذه المذكورة هناك الكثير و الكثير) لا يسعك إلا التأمل في القوة الاقتصادية التي يمتلكوها.


قصص كفاحهم و عصاميتهم معروفة. وآآآه كم نحب سردها و تحفيز بعضنا بكيف تحولوا من فقراء معدمين الى بليونيريات عالميين. فهناك قصة سالم بن محفوظ رحمه الله. هاجر طفلاً من حضرموت لا يمتلك شئ. عمل كصبي لبيت الكعكي. وبشطارته و نباهته أصبح يشرف على بعض أعمال التجارة و الصرافة عندهم. ثم شاركهم في مؤسسة مالية اسمها "بنك بن محفوظ الكعكي" تحولت فيما بعد للبنك الأهلي التجاري. و عند ظهور البترول و الطفرة في المملكة تحول البنك الأهلى لمنشأة سعودية عملاقة تعد أحد أهم بنوك العالم و أكبر بنوك الشرق الاوسط.

جميلة هذه الحكاية. إلا أنها ليست دقيقة! أو على الأقل غير كاملة. لا تسيء فهمي. الأحداث و تسلسلها صحيح. لكن الصياغة أعلاه و التي تستخدم دائماً في سرد قصص العصاميين تسعى للاستنتاج التالي: أن صاحب القصة حقق النجاح بالرغم من الظروف الصعبة المحيطة. لكن ماذا لو كان النجاح بسبب الظروف؟

ما ألهمني لبحث هذه الظاهرة (ظاهرة ثراء الحضارم بارك لهم الله و رزقهم من واسع فضله) هو كتاب outliers لكاتبي المفضل على الاطلاق malcolm gladwell. فالكتاب يدرس قصص النجاح من زاوية كثيراً ما تكون مهملة. زاوية الظروف المحيطة بالناجح. فدائما ًما يتم تحليل قصص النجاح بتحليل الناجح فقط.أي بتحليل صفاته، أفعاله، قوته،ذكاءه، اباؤه و اجداده... و هكذا. الكتاب يدّعي (بل و يبرهن بالنسبة لي) بأن الظروف المحيطة بالناجح هي بنفس القدر من الأهمية. وليس في ذلك أي انتقاص من الناجح. و لا من صفاته و أفعاله و قوته و ذكاءه و اباؤه و أجداده...

لنعد لأحبائنا الحضارم. بجانب ذكاء و عصامية و مثابرة و اصرار و عزيمة كل صاحب قصة نجاح حضرمية في المملكة،هناك أسباب أخرى لا تقل أهمية أدت لهذه المنجزات الخارقة التي قاموا بها:
  1. الهجره للحجاز والعمل كصبيان: الظروف جعلت أفواج من الحضارم يهاجروا في بداية القرن الماضي للحجاز ويعمل الأطفال منهم "صبيان" في بيوت أعيان وأشراف مكة و جدة. ثم اصبح المميز المجتهد الامين من هؤلاء الصبيان يقف على أموال و تجارة "أعمامه" الحجز مجنبينهم الوقوف في السوق والتعامل مع الناس. لذا, هؤلاء الشباب وهم في سن صغير تعلموا فنون التجارة وكأنهم في اعتى جامعات إدارة الأعمال. وعلى مدى السنين توسع إدراكهم و شكلوا فهماً عملياً للسوق وفنونه كالمحاسبة و الجرد والتفاوض و التسعير. بل وحتى ما يمكن اعتباره بدايات التسويق و الفكر الاستراتيجي. واستمروا لسنوات في هذه "الجامعة" حتى اصبحوا أساتذة التجارة و اسيادها.
  2. تاريخ الميلاد: أغلب الحضارم الذين صنعوا امبراطوريات كان من المفيد من أن يكونوا من مواليد بداية القرن العشرين (1900 الى 1920). لأن هذا يعني أنهم قد وصلوا لسن الشباب و بدأو في الاشراف على تجارة أعمامهم في الثلاثينيات و الأربعينيات الميلادية. وعندما حلت الخمسينيات الميلادية و بدأ خير البترول كان قد أتم الواحد منهم 10-20 سنه من التدريب و أخذ خبرات هائلة في التجارة. بل وكانوا عندها في ختام عقودهم الثلاثين والأربعين من العمر وهو سن ممتاز لبداية بناء الأمبراطوريات.
  3. الحزب الشيوعي الاشتراكي في حضرموت: بدأت امبراطوريات هؤلاء الحضارم في التوسع. لكن ما أن حلت الستينيات الميلادية حتى وقعوا في فخ محرج: لم يعد لديهم عمالة تلبي احتياجاتهم للتوسع. فالحضارم (و الى وقت قريب) لم يوظفوا إلا حضارم. وهي فلسفة ترى أن أفراد المؤسسة هم أسرة كبيرة رب العمل فيها كالوالد و ليس المدير.
    في ذلك الوقت تحديداً ظهر الحزب الشيوعي الاشتراكي في حضرموت. وكانت أوقات صعبة حيث أنه تزامن مع ذلك فقراً أشد مما كان. والأكثر سوءاً هو الاضطهاد الفكري حيث أن مبادئ هذا الحزب لم يرتاح لها الكثير من الحضارم. يصف د. عبدالله بن محفوظ الكندي (عضو غرفة جدة) تلك الفترة بأنه كان يفر الحضارم مهاجرين للمملكة. فأنشأ كبار التجار في جيزان ما يشبه المعسكرات التأهيليه التي تستقبلهم و ترتب تفويجهم لجدة و مكة حتى يباشروا أعمالهم في محلات و مواقع بناء مؤسسات الحضارم الكبرى.
    أفلح هذا العمل في استقطاب ما يزيد عن 120 ألف حضرمي في زمن قياسي. ضخوا كلهم لهذه المؤسسات.
لذا, نستطيع أن نقول هنا أنه كان لهذه الأسباب الثلاثة (العمل كصبيان و تاريخ الميلاد وهجرة الحضارم الثانية للحجاز) فضلاً كبيراً فيما حققه هؤلاء الحضارم الجدد نسبياً على الحجاز. وقد حققوا مالم تحققه الأسر الحضرمية الأقدم و الأكثر عراقة منها في الحجاز. فسبقوا (اقتصادياً) العوائل الحضرمية القديمة كباناجة و باناعمة و باعشن و باروم و الجفري مثلا. فهؤلاء كانوا قد "تحجّزوا" في الفترات المذكورة أعلاه. وانشغلوا في اوقات الطفرة وما قبلها بالعلم و الدين و الوظائف و المناصب. تاركين الكفاح التجارى وصراع الفقر لهذه للأسر الجديدة.


لست مقتنعاً؟ لعل هذه الاحصائية التالية ستقنعك. في برنامج وثائقي على قناة العربية اسمه "هجرة الحضارم" ذكر د. عبدالله بن محفوظ الكندي أربعة عدهم البرنامج "اسماء حضرمية لمعت في سماء التجارة والوفاء". إليك بعض المعلومات عنهم والتي جمعتها ببحث بسيط قمت به:



الاسم


تاريخ الميلاد


الاصل في الحجاز


النشاة


الحالة التعليمية


الانجاز


الشيخ: احمد سعيد بقشان


1910-1920


جيل أول طفل مهاجر من حضرموت


صبي لاعيان الحجاز


أمّي


امبراطورية تجارية


الشيبة: سالم بن محفوظ


1910


جيل أول طفل مهاجر من حضرموت


صبي لاعيان الحجاز


أمّي


امبراطورية تجارية الاهلي التجاري


المعلم: محمد بن لادن


1908


جيل أول طفل مهاجر من حضرموت


صبي لاعيان الحجاز/ حمّال


أمّي


امبراطورية تجارية مقاولات


الشيخ: احمد بغلف


لم اجد التاريخ


جيل أول طفل مهاجر من حضرموت


صبي لاعيان الحجاز/ حمّال


أمّي


امبراطورية تجارية مقاولات وبضائع





لاحظ التطابق الكبير لدى هؤلاء الأربعة. و لو توسعت العينة لوجدت استمرارية لهذه الصفات في أغلب اثرياء الحضارم.


عبر كثيرة في هذه الزوايا من قصص كفاح هؤلاء الأشخاص. من أهمها حكمة و تدبير الخالق سبحانه. تخيل هؤلاء الأربعة عندما كانو ينظرون بحزن لاقرانهم من أطفال أعيان الحجاز. لم يعلموا أن العزيز الحكيم يخبئ لهم خيراً وفيراً. لكن ليحصلواعليه وجب أن يبدأوا صبياناً فقراء, ليكافحوا في التجارة, و يتعلموا استعدادا للطفرة. ثم ليبتغوا من فضل الله.

نكرر ختاماً أن هذه الظروف لا تنتقص من كفاحهم شئ. فهذه الظروف مر ويمر بها آلاف من الناس. ولكن التغلب عليها (أو استغلالها كما اظهرت الرسالة) كانت يتطلب شخصيات عظيمة.
 
لا تنسى ان تسجل عنوانك البريدي. فهناك رسائل و عروض فقط لمن يزودونا بمعلوماتهم. فقط سجل الاسم و الايميل في المنطقة المخصصة فوق على اليسار. ويمكنك الغاء الاشتراك بكل سهولة ان لم يناسبك الامر.

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

المشكلة التي ورطكم فيها برنامج خواطر

هذه المشكلة مرتبطة بالسفير الياباني. حيث أنه لو قرر هذا الرجل أن يترجم خواطر و يرسله لحكومته و الوزراء اليابانين فلعله سيفعل ذلك وسيرفق معه الرسالة التالية: "... لقد حقق لدولتناهذا البرنامج مالم نكن نستطيع فعله بمئات الملايين و عشرات السنين. فهو خاطب وخلال شهر شريحة ضخمة من ال300 مليون عربي أو يزيد. أظهر خلاله دولتنا و شعبنا بمظهر يجعلنا جميعا في غاية الفخر. وقد قمنا باستطلاع رأي سريع وجدنا أن شعبية دولتنا بين العرب قد قفزت لمراكز المقدمة. و أصبحت اليوم مطمع عربي للتبادل التجاري و العلمي و الثقافي. بالرغم من أن اليابان لم تكد تذكر من الاوائل في هذه الاستطلاعات قبل شهر".

عندها، قد تختار اليابان أن تقدم الشكر و العرفان بطريقتين: الأولى من خلال تكريم كل من خلف هذا البرنامج في حفل فاخر في طوكيو. أما الطريقة الثانية فهي التي ستكون فيها المشكلة الكبيرة.

الطريقة الثانية هي ان تقوم قناه يابانية قيادية بانتاج عمل مماثل من باب رد الجميل. عمل يظهر لليابانيين بلدنا كما ظهرت لنا بلادهم. فاجتمع المنتجين و المبدعين ليحددوا موضوع البرنامج. وهنا احتاروا. عن ماذا يتحدثون؟ ماالذي يمكن ان يعرضوه ويكون:

  1. ذو مصداقية و موضوعية.
  2. مبهر للمشاهد الياباني.
  3. يمدح و يرفع قدر بلادنا.
احتاروا كثيراً. بحثوا في الصناعة، التعليم، الاخلاق، فلم يجدوا ما يمكن انتاج برنامج حوله. و اخيراً وجدوا الموضوع. انه الدين!

اتضح لهم أن بلادنا هي أكثر دول العالم التزامًا بالدين. ومظاهر ذلك في كل مكان. عندها ارسلوا طاقم العمل وحصلو على التصاريح اللازمة و التسهيلات و بدأ التصوير.

في احدى الحلقات لعلهم عرضوا موضوع الصلاة. وكيف أن المصلين يقفون في صف متقن بدون تدريب مسبق أو اتفاق. "استوو" هو كل ما يحتاج أن يقوله الامام. اخذوا تسجيلًا للحرم المكي في أشد لحظات الزحام. ثم كيف أنه و بمجرد إقامة الصلاة يتحول 2 مليون بني أدم لقطع في دوائر متقنة حول الكعبة. ويتمكن هؤلاء ال2 مليون وهم لا يتحدثون نفس اللغة من أن ينفذوا حركات متناسقة لم يرها المذيع في أي ابوريت او حفل افتتاح لألعاب أولمبية.

في حلقة أخرى تعرضوا لموضوع الآذان. وقف المذيع في وسط أحد أحياء الرياض أو جدة. ثم اخبر المشاهدين أنه و بعد لحظات سيقطع السكون عشرات المساجد بما يعرف بآذان المغرب. وبالفعل و بفارق ثواني لا تتعدى الخمسة دوى صوت الآذان من مختلف المساجد.

ثم كانت حلقة رمضان. وكيف أن الناس حول الموائد لا يأكل أي منهم قبل سماع الآذان. يسألهم لم تلتزمون لا تأكلون قبل الوقت فيستغرب الناس السؤال كما استغرب اليابانين من الشقيري عندما يسألهم عن أسباب انضباطهم.

كما أنه سأل التجار عن احساسهم تجاه اغلاق المحلات أثناء الصلاة. و أنهم بذلك يخسرون حوالي ساعة و نصف الى ساعتين من ساعات العمل التي لا يحققون فيها بيعاً و دخلاً لكنهم يدفعون فيها رواتب العمال. كم تفاجأ المذيع عندما كان رد أغلب التجار له هو أنهم لا يمانعون ذلك. بل قال بعضهم أنه حتى لو سمح القانون بالبيع فسيستمروا بمنع البيع وقت الصلاة امتثالاً للأمر الديني.

وهكذا يمر البرنامج على مجموعة من الظواهر التي تدلل بالصورة و ليس بالكلام درجة الالتزام الديني.


إن برنامجاً كهذا سيجعلنا نشعر بدون شك بالإحباط. لانه سواء قامت اليابان بما ذكرته أعلاه أو لا فنحن اليوم قد أخذنا هذا الدين الاسلامي و طبقناه على مفهوم ضيق من العبادات والمظاهر. حارمين انفسنا من كامل فوائده وانعكاساتها على حياتنا. وهذه جريمة لا تغتفر.


أشعر اننا اليوم لا نقطف ثمرة هذا الدين. لا نحقق مقاصده وحكمه. نتعامل معه بعلمانية. فنوفر لعباداته جواً منضبطاً دقيقاً. و لكن لا ينعكس ذلك على حياتنا.

و أشعر أن تعاملنا مع الدين سطحي جداً. فمثلا نصلي 5 فروض في اليوم و يطلب منا في كل منها الانضباط و النظام و لا نفهم ما يريد أن يعلمنا الله!

لذا, فالمشكلة التي ورطكم خواطر فيها هي أنه سيكون هناك مجموعة رسائل من وقت لآخر حول موضوع الدين. فشعبية خواطر اظهرت لي أن هناك فضول حول هذه الأمور. لذا فسأطبق قاعدة "مع الخيل يا شقراء" و سأتبع هذه الموجة. وجرى فقط التنبيه حتى لا يستغرب بعضكم أو يعتقدأنه في المدونه الخطأ. لن تكون رسالات نصح أو معلومات شرعية و لكنها تحليلية تتعرض لأمور كالافتاء وشرشف الصلاة و الدعوة لغير المسلمن من زوايا قد لا تتوقعها. و سيكون عنوان هذه الرسائل هو "ممكن ترجعلي ديني؟"

لا تنسى ان تسجل عنوانك البريدي. فهناك رسائل و عروض فقط لمن يزودونا بمعلوماتهم. فقط سجل الاسم و الايميل في المنطقة المخصصة فوق على اليسار. ويمكنك الغاء الاشتراك بكل سهولة ان لم يناسبك الامر.

الاثنين، 24 أغسطس 2009

سر بطل العالم في حوادث السيارات

المملكة تحتل المركز الأول عالمياً في معدل حوادث السيارات. نصف مليون حادث مروري في العام الماضي! ويموت في المملكة كل يوم 17 شخص من جراء الحوادث المرورية. أي شخص كل ساعة و ربع.
 
عندما تكون أرقامك مميزة بهذا الشكل فلابد من وجود سر. السرعة، عدم احترام القوانين و قطع الاشارة كلها أسباب تقليدية. لا تبرر انجازاً بهذا الحجم. نحن بطل العالم الذي لا يشق له غبار في حوادث السيارات. لا بد من سر.
 
عندما تريد أن تحلل أي ظاهرة غير عادية و تكشف سرها يلزمك أن تحدد الظروف الخاصة. ثم تحلل كلاً منها على حدى و بذلك تصل للحل.
 
فلو أردت أن تحلل ظاهرة لها علاقة بحوادث السيارات في بريطانيا مثلاً فإنك تبحث عن ما هو يعد من الخصوصيات في بريطانيا. كالقيادة على الجانب الأيسر من الطريق. ولو قمت بنفس الشئ في هولندا لبحثت حول ظاهرة انتشار الدراجات في الشوارع. وهكذا.
 
إذن، ماهي الخصوصيات في بلدنا و التي لا توجد (أو نادرة) في الدول الاخرى؟ بعد التفكير وصلت لثلاثة:
 
1. تطور شبكات الطرق و جودة السيارات: هذا من أهم ما يميزنا عن باقي منافسينا. فبسبب وفرة مشتقات النفط تجدنا نمتلك شبكات طرق هي من الأفضل في العالم. لدينا شوارع تستمد اسمها من عرضها (الثلاثين و الأربعين و الستين و السبيعن). نعم، قد يكون هناك مطبات تعكر صفونا و تزعج ظهرنا. لكن شبكات الطرق لدينا و بدون شك ممتازة. و رخص الكهرباء يجعل الاضاءة الليلية وفيرة. هي أول ما يلاحظه أي زائر للمملكة من أمريكا أو أوروبا عندما يقارنها ببلاده. وعدم و جود ضرائب في المملكة على السيارات يجعلك تجد أن أغلب المركبات هي حديثة الصنع. مما يعني أنها بجودة عالية على مستوى الفرامل والاستجابة. في حين ان امريكا "اللي هيه امريكا" شوارعها كلها فور توروس و هوندا سيفيك من صنع التسعينيات.
 
لا يمكن أن تكون هذه الخاصية هي سبب الحوادث و الوفيات. فهذا ضد المنطق. و الدليل على ذلك (وإن كان الأمر لا يحتاج لدليل) إن نسبة الحوادث المؤدية للاصابات هي أعلى في المناطق الشمالية و الجنوبية منها في المنطقة الوسطى و الغربية و الشرقية. وهي مناطق بطرق أضيق واضاءة اقل. كما أنك تجد هناك سيارات قديمة لدرجة أنها قد شهدت بعض الغزوات الاسلامية.
 
2. غياب الخمر: في أغلب دول العالم يكون أول سؤال تسأله إذا عرفت أن أحداً حصل له حادث هو : "هل كان يشرب؟". الأمر يختلف لدينا. فشارب الخمر عند منافسيننا على هذا اللقب لا يتخفى و يتوارى. فهو لا يخالف القانون. أما لدينا فشارب الخمر هو إما في عشة أو في دهاليز شقة. وخروجه للشارع بهذه الصورة مخاطرة. ناهيك عن أن يقود سيارة و يمر بتفتيش.
 
لا يمكن لهذه الخاصية أيضاً أن تكون السبب. لأن انخفاض نسبة قادة السيارات تحت تاثير المسكر في المملكة هو بالتاكيد مما يساهم في خفض نسبة الحوادث.
 
3. قيادة المرأة: لعله مر عليك فيديو المذيع عمر اديب (اخو عماد الدين أديب) وهو يستهزئ بقيادة النساء للسيارات. عارضاً لقطات لحوادث غريبة و مضحكة كان وراءها امرأة. أو أنك شاهدت ايميلاً حول هذه المسالة. خلاصة القول هي أن الرأي العام العالمي هو أن النساء سيئين في قيادة السيارة و يتسببن في الحوادث أكثر من الرجال.
 
وبغض النظر عن أن كانت النظرية دقيقة أم لا فإن عدم قيادة المرأة في المملكة يفترض أن كان له أي اثر فهو أن يجعلنا أقل من غيرنا في الحوادث.
 
الأمر محير. فالأسباب أعلاه (وسع الشوارع و غياب الخمر وعدم قيادة المرأة) لو كان لها أي أثر فيجب أن تجعلنا الأول عالمياً في الأمان و ليس في الحوادث. هي كلها من مسببات قلة الحوادث.
 
أعتقد أن السبب والذي يعد من خصوصيتنا التي بحثنا عنها في كل مكان قد كانت تحت انوفنا. حيث أن ما قد حللناه سوية أعلاه اثبت لنا أن كل مافي الموضوع هو خصوصية خاصة بنا جداً: عدم احترام القوانين . نعم، الأسباب التقليدية، السرعة، عدم اتباع تعليمات القيادة، قطع الاشارة والتي استبعدناها في البداية.
 
لدينا ضعف انضباط في القيادة و نحن ندفع الثمن غالياً. فبدلا ًمن أن يدفع الثمن المخالف ندفعه كلنا بوقتنا و اموالنا و ارواحنا. كل هذا حتى لا نزعجه بمخالفة او ندربك يومه بزيارة قسم شرطة.
 
أرى جهداً كبيراً في محاولة تحقيق احترام قوانين القيادة من خلال الاقناع أو التوعية. وهو جهد طيب بل وفيه نفع لكنه لا يخرج عن كونه لف و دوران حول الموضوع و المشكلة الأساسية. لكني أتمنى اليوم الذي أرى فيه عقوبات مناسبة (حجماً و جدية و تفعيلاً) لمخالفات المرور. كسحب الرخص مثلا.ً لتجد الموظف الكبير يقوم السائق أو الجار بتوصيله للشركة خلال اشهر الحرمان من الرخصة.
 
كما أتمنى أن أرى في يوم رجل محترم وقد تم تعليقه من اذنيه وهو بملابسه الداخلية في أحد المياديين العامة و فوقه لوحة مكتوب عليها "هذا الباشا اعطى ابنه في الثاني المتوسط مفاتيح السيارة وقال له روح اتمشى لوحدك".
 
لا تنسى ان تسجل عنوانك البريدي. فهناك رسائل و عروض فقط لمن يزودونا بمعلوماتهم. فقط سجل الاسم و الايميل في المنطقة المخصصة فوق على اليسار. ويمكنك الغاء الاشتراك بكل سهولة ان لم يناسبك الامر.

الجمعة، 14 أغسطس 2009

عمرو خالد, الفيمتو, التراويح والتمر

كل جمعة نجتمع للغذاء في بيت جدتي حفظها الله. عادة أكون من أول الواصلين. فيتسنى لي الدردشة معها قليلا قبل هجوم الباقين. كل جمعة تكرر لي نفس الجملة "اليوم كانت خطبة الحرم من اروع مايكون" ثم تكمل "ماني فاكرة ايش قال الشيخ او ايش كان موضوعها لكنها كانت ماشاء الله ممتازة". فما بين ظروف جدتي من كبر، و رتابة اسلوب خطباء المساجد، لا اعتقد انها وحدها.

هل شهر رمضان بالنسبة لنا في العام كماهي الخطبة بالنسبة لجدتي والاغلب من الناس في يوم الجمعة ؟ أي أن رمضان هو حماس و انسجام ثم انقطاع وفقدان اتصال.

يجب أن نخضع رمضان قبل أن ينورنا (أو أن يداهمنا) للتحليل. هل رمضان بالنسبة لنا هو مهرجان فلكرولي روحاني؟ فيه تراويح و تمر، قرآن و قمر الدين، سهر وسحور. ثم يأتي واحد شوال وخلاص.... ينتهي المهرجان.

على فكرة. هناك شبه كبير بين رمضان (أو مظاهرة اليوم) و المهرجانات. فهو اليوم كأنه the circus is back in town .فالسيرك يتم في خيمة و رمضان ملئ بالخيم. له مشروباته ومأكولاته الخاصة وكذلك السيرك بالفشار وحلوى القطن والفول السوداني. وعروض الاسود و المهرجين والباليه تستبدل بالمسلسلات التاريخية و الكومدية و الدرامية. وكما أن السيرك يصحبه عادة بازار فيه ألعاب و هدايا. كذلك رمضان ببازاراته و اسواقه الخيرية.
لنقم بعمل تشبيه آخر. الجوال مثلاً. فهذا الجهاز ليكون مفيداً يحتاج لأمرين: الشحن والاستخدام بمعرفة (أي العمل بعلم). لو افتقد لأي منهم أصبح قطعة خردة تصلح ثقالة ورق أو ركازة باب. كذلك المسلم يحتاج لأمرين: يحتاج لأن يشحذ همته ويحصل على الطاقة الروحانية من العبادة والاتصال بالله (الشحن). وكما أنه يحتاج العمل في أبواب البر و العلم و الاحسان و الاصلاح (الاستخدام). ولو افتقد المسلم لأي منهم أصبح مهدد بالتحول لغثاء.

انا أظلم نفسي و أظلم رمضان معي عندما أحاول الاستفادة منه أحياناً. إليك أمثلة:

1. شهر القرآن: بدون شك أن رمضان شهر ارتبط بالقرآن و تلاوته. أشهر ما يستشهد به هو أن السلف كانو يغلقون كتب العلم و يوقفون حلق الذكر حتى يتفرغوا لقراءة القرآن. المصيبة أنني استشهد بنصف هذه القصة الأخير و انسى النصف الأول. استشهد بالنصف المذكور فيه أنهم كانوا يقرؤا القرآن في شهر رمضان. لكني أترك النصف الأهم من القصة. هو أن الجماعة كانوا في عمل وعلم كبيرين 11 شهر!!!

حالي في هذه القصة كما هو حال من يعاني السمنة المفرطة. فيسمع أن خبير اللياقة الفلاني كان يراقب سعراته الحرارية و يحاول المشي بقدر الامكان. متبعاً لهذا الشق الثاني من النصيحة، قرر أن يمشي مسافة 200 متر من مكدونالدز لباسكن روبنز بدلًا من الذهاب بالسيارة. فهو أخذ بالجزء الذي أحب من القصة و ترك الجزء الذي فيه أن خبير اللياقة هذا كان يتغذى بلفة خس و يحلي بخمسة زبيبات.

لي ظروف وللسلف ظروف. محاولة الاستعباط وحشر نفسي معهم ليس ما سيحقق أكبر فائدة من رمضان. who am i kidding. بالنسبة لهم كان رمضان شهر حصاد و إغلاق حسابات. بالنسبة لي فرمضان هو شهر الزرع و بداية صفحة جديدة.

لذا لن أقع فريسة السباق المحموم لتكديس ختمات التلاوة. لأنها في السنوات الخمسة عشر الأخيرة قد اثبتت فشلها في اكتسابي لعادة التلاوة و العلم و الذكر. بل سأوازن بين الختمات وبين قراءة كتب العلوم الشرعية. سأقتدي بالسلف بما كانو يفعلون في 12 شهر وليس في شهر واحد.

2. البرامج الدينية: عمرو خالد يظل the king. و مصطفى حسني يمتلك أسلوباً يجعلني كالصلصال بين يديه. كلهم حفظهم الله نجوم في السماء. لكن، ما يقدمونه لنا هو (شحن) في اغلبه و في أساسه. نعم يحاولون التنويع في الأسلوب و المواضيع لكن تظل هذه البرامج هي برامج تشجيع و شحذ همم. عمرو خالد هو داعية. ولكنه داعية ذكي جداً. فهو يخفي رسالته الدعوية في غلاف قصصي شيق. مرة يحكي في السيرة، ومرة قصص القرآن، ومرة الأنبياء، و الصحابة. كل ذلك حتى لا نمل. لكن هدف كل حلقة تقريبا ًمن كل سلسلة هو (صلوا، تحجبوا، اتقوا، اعملوا). نعم، يدخل في الاجتماعيات أحياناً بسلاسل كالجنة في بيوتنا و صّناع الحياة. لكن في الأساس هو داعية هدفه شحذ همم الناس حتي يصلوا، يتحجبوا، يتقوا و يعملوا. عمرو خالد طبيب ذكي. يغلف الدواء بطبقة حلوى.

علي ان أكون حذراً لأن لا يتحول عمرو خالد لكأس عصير فيمتو (مشروب رمضاني شهير في المملكة). وأن لا تتحول التراويح لأحدى فعاليات مهرجان "رمضان غير". علي أن اتنبه لفخ أن تصير العبادة عادة.

لسنوات وأمي تذهب لدرس دين أسبوعي عند احدى داعيات جدة المشهورات. وفي بداية كل موسم تحرص امي و رفيقاتها من "المخضرمات" على تصدر المجلس. الى أن فجرت هذه الداعية المفاجأة لهم قبل فترة عندما قالت لهم:"انتو الى متى ح تفضلو تحضروا هادي الدروس؟ هو هو الكلام. ابدأو اشتغلو ياأخوات". استمرار سماعي لدروس شحذ الهمم و الدعوة بدون اتخاذ أي خطوات ايجابية يجعلني عرضة لأقع في فخ التبلد. تصبح معجزات الأنبياء و بطولات الصحابة و قصص السلف بدون وقع. فقد سمعتها مئة مرة.

لذا لن أضيع هذا الشحن. سأتابع عمرو خالد ولن أفوت مصطفى حسني. وسأستأنس بقصص الشيخ عايض وسأتفكر في عبر الشيخ وجدي غنيم المضحكة المبكية. سأعود للرسالة و اقرأ. لكني لن اكتفي بهذا الشحن. بل سأوازن بينه و بين المادة العلمية الاساسية. سأتعمد متابعة برامج التفكر البعيدة عن التشجيع و الشحن. كبرامج الشيخ سلمان العودة مثلًا.

"ياياسر لم المخاطرة بالتغير؟ رمضان شهر لا يتحمل النظريات و الفلسفة؟". لأن الانسان عندما يجرب طريقة ثم يفشل فيها عليه أن لا يكرر نفس الطريقة.
ماهو الفشل؟ الفشل هو عدم تبدل الحال بعد رمضان الى أحسن. هذا هو المقياس. فلو كان حالك بعد رمضان الماضي هو افضل مما كنت قبله فأستمر. أنت على الطريق الصحيح. أما لو أنك عدت في مابعد رمضان لما كنت عليه قبله فعليك التفكير جيداً فيما ستغير في رمضان هذا القادم بعد أيام.

بالنسبة لي هذا ال approachهو الفيصل الذي يحدد هل رمضان كان مفصلياً في مشوار حياتك و حولته لغرفة ولادة لنفس جديدة. ،أم مهرجان فلكرولي.
 
لا تنسى ان تسجل عنوانك البريدي. فهناك رسائل و عروض فقط لمن يزودونا بمعلوماتهم. فقط سجل الاسم و الايميل في المنطقة المخصصة فوق على اليسار. ويمكنك الغاء الاشتراك بكل سهولة ان لم يناسبك الامر.

الأحد، 9 أغسطس 2009

لماذا اطفال و مراهقي هذا الجيل لا يعرفون شئ؟

اعتذر على العنوان القاسي. لكن الا تتفق معي انه أصبح من النادر أن تقابل طفل أو ولد و تحس أنه واسع الادراك؟ المعلومات العامة و الثقافه لدى هذا الجيل تختفي و تخف بسرعة. آفاق الاهتمامات تنحصر في مسائل أبسط و الافق اصبح أضيق. فإذا سألته عن أي شئ في غير الموضعين أو الثلاثة التي يحب ترتسم على وجهه "تبليمة" لا تقدر بثمن. و بعد ثانيتين او ثلاث من السؤال يقول لك: "هه!"
 
"لكن اطفال هذا الجيل أذكى بكثير ممن قبلهم، انظر كيف يلتهمون التكنولوجيا التهامًا" معرفة طرق لتعدية firewallأو سرعة الطباعة ليست ذكاء. وبالرغم من ان الذكاء بالنسبة للبشرية يظل صندوق أسود. لكن تقييم مقدار معرفة المعلومات العامة و الثقافه لدى الاجيال هو المقياس العام المتوفر.
 
تريد أن تختبر الموضوع؟ اسأل ابناء هذا الجيل عن اسماء رؤساء دول عربيه (مصر، ليبيا، عمان،اليمن...) رؤساء (ماشاء الله) لهم فترة طويلة في الحكم. ستكتشف أن نسبة من سيخطئ أو لا يعرف كبيرة. أنا و أولاد فصلي قبل خمسة عشر سنة كان لا يمكن تقريبا لأحد منا أن لا يعرف معلومة كهذه. اختر ماشئت من الاختبارات: تاريخ, الحياة البرية, جغرافيا, كبار الصحابة, السياسة. ستكتشف انه "أبيض يا ورد" جرب حتى مواضيع مثل: موديلات السيارات و اسمائها, حتى جميلات السينما او الرياضة. ستجده غالبا "ابيض يا ورد".
 
على فكرة، هل أنت فاهم تمامًا ما اعنيه؟ أنا لا اقصد الذكاء و الدراسة. أنا اقصد المعرفة.
 
فالمعلومات العامة عند أبي واغلب الآباء هي أوسع مما اعرف أنا و أغلب من في سنّي. و سيتكرر نفس الشئ معنا و مع جيل ابناءنا. احتمال معرفه والدك و ابناء جيله لمن هو 
يوليوس قيصر او عاصمة بوليفيا او اسم رواية ل تشارلز ديكنز* اعلى بكثير من احتمالية معرفتك أنت او احد ابناء جيلك بذلك. و هي نسبة أعلى بكثير من تلك التي سيحققها ابناء جيل الأطفال الحالي عندما يكبرون.
 
"بم تفيد هذه المعلومات العامة إلاإذا كنت تنوي الاشتراك بمن سيربح المليون؟". طبعا تفيد. و هي مؤشر قوي لدراية و علم الشخص.
 
اذن لم هذا هو الحال (هذا لو كنت اقتنعت)؟ لم أصبح من النادر أن تقابل طفل أو ولد و تحس أنه لماح وواسع الادراك؟ 
أحد الأسباب قد يكون في تخصص الاطفال والمراهقين فيما يحبون فقط.
 
أنا في سنوات المتوسطة (12-15 سنه) كان أهم شئ في بالنسبة لي متابعة ومشاهدة كرة القدم. ولأني عشت هذه الفترة في بداية التسعينيات الميلادية فقد كانت المادة الرياضية المتوفرة محدودة. فإجمالي ما كان متوفر لي بجانب المباريات المنقولة على الهواء مرة او مرتين في الاسبوع كانت عبارة عن ملخص الدوري الايطالي الأسبوعي كل ليلة سبت. و الانجليزي كل ظهر خميس. وملخص كرة السلة الامريكية كل ظهر جمعة. بالاضافة للصفحات الرياضية في صحيفة والدي و الأخبار الرياضية في نشرة التاسعة. أي أن مراقبة كل شاردة وواردة كانت تستهلك مني ما معدله أقل من ساعة في اليوم. لذا كان لابد من ملئ الفراغ. فدخلت هنا امور اخرى على خط الاهتمام. فاصبحت اتابع كل الرياضات. واتجول في الجريدة احياناً بما يتعدى صفحات الرياضة, و اشاهد مختلف برامج التلفزيون. والافلام و المسلسلات الاجنبية و العربية. و برامج مسابقات. وكنت العب video games وأعمل في الاجازات. بل ومن الملل احيانا كنت اقرأ. فيتوسع الادراك.
 
اليوم, من هو بعمر 14 سنة وهو مثلي يعشق الكرة فلن يجد وقتاً لأي اهتمام آخر. فاليوم هو يتابع اكثر من 30 قناة رياضية متخصصة. و أيام السبت و الأحد و منذ عودته من المدرسة في الظهر و حتى الواحدة صباحاً يتابع أهم مباريات الدوريات الاوربية الكبرى. نفس الشئ يتحقق مساء كل ثلاثاء و اربعاء وخميس بدوري الأبطال و الكؤوس. اضف لذلك الدوري المحلي و البرامج المتخصصة. بالاضافة للمباريات المسجلة.
 
الأهم من ذلك الانترنت. الانترنت يساعد الشخص في أن يختص في اهتمامه و يضيق الافق عليها. يمكن لهذا المراهق ان يتفرغ فقط لمتابعة كرة القدم. بل الدوري الايطالي. بل فريق ميلان. بل يمكنه أن يتخصص في اهتمامه و يضيق الأفق على لاعب.
 
لذا فهو ولمدة قد تصل لسنتين او ثلاثة لا يدخل عقله من المحتويات الثقافية او الترفيهية سوى شئ واحد. يتخصص فيه بشكل كبير لدرجة يمكن ان تعتبرة خبيرا فيهاو "متخصص". فيضيق الافق في سن صغيرة و لايتوسع الادراك. فلا يعرف ابسط قوانين كرة اليد، ولا الافلام و المسلسلات، ولا تمر عليه معلومات برامج المسابقات. و طبعا لا يقراء.
 
عليك ان تحاول منع ضيق الافق هذا. و اسمح لي ان اقدم لك بعض ما يمكن فعله:
  1. قم بتوسعة مدارك اولادك والاطفال من حولك. لو اخذنا موضوع الهواية مثلا: إذا كان يلعب كوره احرص على ان يجرب التنس، السله، السباحة، الجري. و اذا كانت تحب الكمبيوتر احرص على ان تجرب الرسم، القراءة، الرياضة، التمثيل،..... إذا لزم الأمر ان تجبرهم (على التجربة و ليس استمرار الممارسة) فأفعل. و يمكنك تحقيق ذلك باستخدام العصا و الجزره (او الترغيب و الترهيب).

  2. كلما يسألك سؤال حاول أن تجعله يجد الاجابة بنفسه. فاذا سال "ماما فين بوليفيا؟" فلا تعطيه الاجابة و لكن اطلبي منه ان يبحث عن الجواب في القاموس. او في Google او wikipedia

*الاجابات: قائد روماني هو السبب في تحويل روما من جمهورية الى امبراطورية, مدينة لاباز, اهم الاعمال هي أوليفر تويست، أنشودة عيد الميلاد، حكاية مدينتين، ديفد كوبرفيلد، آمال كبرى

السبت، 1 أغسطس 2009

لماذا من المهم النظر للصورة الكبيرة.

looking at the big picture او النظر للصورة الكبيرة استعارة لغوية تعني أن ينظر الانسان للأمور بشمولية و بنظرة واسعة. لا تخف. الموضوع ليس فلسفي بل هو عملي للغاية. بل قد يكون اليوم من أهم مقومات النجاح في الحياة.
 
ففي العصر الحجري مثلا كانت مقومات البقاء و النجاح هي ايجاد المأوى والتحول من الفريسة للصياد. فلو وجدت كهف يحميك المطر و الافتراس وكونت مصادر غذاء تكون نجحت. في العصور الاوروبية المظلمة كان البقاء لصاحب السيف والقبيلة القوية. وفي العصر الصناعي كان لمن يمتلك ظهراً و سواعد قوية تمكنه من العمل. و في السنوات الأخيرة كانت مقومات البقاء والنجاح هي الشهادات و المعرفة.
 
قد يكون مفتاح الفترة القادمة مع من يمتلك القدرة على رؤية الصورة الكبيرة. لأنه بعد تهدم حدود و حواجز الجغرافيا و المعرفة لم يبقى مايقف في طريقك سوى قدرتك على رؤية الصورة الكبيرة.اكيد انك سمعت بكتاب thomas freedman و اسمه the world is flat. الكتاب يتحدث عن ان الفروقات الجغرافية في العالم لم تعد ذات معنى كبير. فما هو متوفر لمن يسكن نيويورك متوفر لمن يسكن بنجالور.
 
فاليوم, لو قررت العمل كمصمم خرائط لشركة في مجال التعدين في مناجم افريقيا, أو لو قررت التجارة و الاستثمار في صيد البغبغانات في أمريكا الجنوبية, أو الحصول على شهادة في علم النفس لأطفال ضحايا الكوارث فالأمر سهل جداً.أعني بسهل انه لا يلزم أن تكون متواجداً في مكان معين ولا أن تتكلف مبالغ كبيرة ولا أن تبذل جهد في الحصول على المعلومات.

اذا كان هذا كله سهل فما هو الصعب إذن؟ الصعب هو أن تمتلك النظرة الشمولية التي توجهك في الاتجاه الصحيح. النظرة الشمولية التي تساعدك اصلاً في تحديد جدوى و مستقبل وظيفة تصميم خرائط التعدين أو صيد البغبغانات أو علم النفس لأطفال ضحايا الكوارث. بالاضافة الى ان تستخدم النظرة هذه على نفسك لتقيم رغبتك و قدرتك على النجاح.
 
استعارة اخرى تشبه looking at the big picture هي having a helicopter view . فعندما تراقب مدينة مزدحمة مثلاً من هيلوكوبتر فإنك ترى الطرق ودرجة تعطل السير فيها. تعرف أن هذا الشارع مزدحم بسبب حادث بسيط وقد تم سحب السيارة المتضررة. لذا فإنه سينفك فيه الزحام بعد دقائق. أما ذلك الشارع فهو مغلق بسبب مرور موكب ويبدو أن الامر سيطول لأن الموكب لازال بعيداً. أما من هو في في سيارته في خضم الزحام لا يمتلك هذه الرؤيه.
 
اذا كان الحل في المثال اعلاه هو بالخروج من الزحام صعوداً بالهيلوكوبتر, فان الحل في الحياة هو ايضا الخروج من الزحام. ولكن من خلال استخدام النظرة الشمولية الواسعة.
 
هذه الرسالة لا تستحمل التفصيل في موضوع النظرة الشمولية للصورة الكبيرة وادواتها. ولكن اترك معك نصيحتين قد تساعد في ان تطور هذه القدرة. قرأتها و طبقتها و استفدت منها كثيرا:
 
اختر مجالاً بعيد تماما عنك وعن عملك و اهتماماتك (امراض السكر، القصص الكرتونية comics، تجارة البن و القهوة ،نظريات الفلسفة...). ثم أدخل قليلا في عالم هذا المجال. فلو إخترت امراض السكر مثلا قم بفهم المرض و معرفة آخر تطورات علاجة، القضايا الشائكة بخصوصه، صراعات الجمعيات الاجتماعية مع شركات حلويات الاطفال، المشاريع الاستثمارية المبنية على المرض،...). إذا كنت لا تحب القراءة فألجأ لليوتيوب. ماستستفيده هو انك ستدرب نفسك على كيفية الحصول على نظرة شمولية لأي أمر مستقبلي. وسترغم نفسك على أن تنظر في اي موضوع من كل الجوانب (العلمية، الاقتصادية،الاجتماعية، الدينية...).
 
ادخل الابداع في حياتك من خلال ممارسة احدى الانشطة الابداعية (رسم، طبخ، انشاد وغناء، تأليف...). فالابداع ينشط المخ ويقربك من ملكة النظرة الشمولية. أحد الكتب و اسمه a whole new mind يقترح ان تؤلف قصص قصيرة عدد كلماتها اقل من 50 كلمة. مثل القصة التالية:
 
"نام احمد متعبا قبل حتى ان تصل رأسه للمخدة. ولكنه حلم بان لصا دخل وسرقه ثم استبدل كل ماأخذ باشياء بنفس شكلها تماما. استيقظ مفزوعا. فالحلم كان حقيقيا للغاية. محتاراً و مضطرباً, ذهب للقاء اصحابه. دخل عليهم واخبرهم القصة. صمتوا جميعا وهم ينظرون فيه باستغراب. ثم قال له احدهم: لكن.......من انت!!!!".

الأربعاء، 29 يوليو 2009

غرق فاطمة في الكورنيش وسور الحوامل.

قصة غرق الفتاة فاطمة في كورنيش جدة محزنة. الغرق، ثم ضياع الجثة أسبوعين، و مرابطة الأهل حول موقع الحادثة، ثم العثور على الجثة كان كله محزناً. لكن هناك زاوية أخرى للموضوع هي ايضاً محزنة.
 
قد يكون من أسباب الغرق هو أزمة "لايف ستايل" للنساء في المملكة. أو حتى غياب أغلب مقوماته و متطلباته. فاطمة ذات ال17 سنه أرادت ان تسبح. ف" البلبطة" في الماء هي من    أمتع الأمور. لكن، ولمن لا يعرف جدة، فان هذه المدينة الساحلية حققت المعادلة المستحيلة. ففي جدة يمكنني ان "آخذك البحر و ارجعك عطشان". فهذه المدينة تمتلك ساحل طوله 27كم. يصعب ان تجد عليه متر واحد للسباحة. حلول السباحة (أو على الاقل البلبطة و تبليل اصابع الارجل) في جدة بالذات للنساء محدودة في شاليهات بالالآف تختار فيها البنت اطراف الشاليه و الاوقات الميتة كبعد الفجر مثلا. او, السفر 200كم خارج المدينه بكل مافي ذلك من مخاطر و كلفه. حتى وضع الرجال لا يختلف كثيرا.
 
فمن الملل وفقدان الصبر، لم يكن أمام فاطمة سوى تترجي أبوها لكي تنزل في وسط الكورنيش بالرغم من الصخور وتيارات الصرف الصحي. فهي "طفشت خلاص". او هكذا اتصور.
 
" كيف تدعى أنه ليس هناك لايف ستايل او نمط حياة للمرأة. إذن ماذا تسمي هذه المولات و المقاهي و المراكز الترفيهية؟" اسميها اكبر دليل على غياب ال life style.
 
فالمولات تستخدمها اغلب نساء العالم للشراء. و المقاهي و المراكز الترفيهية تستخدم لكسر الروتين. لكنها لدينا تحولت لنمط الحياة شبه الوحيد المطروح أمام النساء. وهو مطروح فقط لطبقة خاصة من ناحية الدخل و التمسك بالتقاليد. كما إن انعكاساته خطيرة على تحويل النساء لاستهلاكيين سطحيين من كثرة عرض البيع. او اكثر سمنة من اكل المراكز و المطاعم. فكيس الفشار و "فرابتشينو" بالكارميل تحتوي على سعرات يومين. لكنك بعد تناولهم بأقل من ساعة تشعر بالجوع.
 
حتى تفهمنى اكثر. اقدم لك تعريف مقترح لكلمة لايف ستايل. هي (نمط الحياة المختار). وكلمة "نمط" تقتضي وجود اختيارات. و هو شرط أساسي غير متحقق في أسلوب أو نمط حياة المرأة.
 
تخيل ابسط متطلبات أي لايف ستايل. تخيل المشي مثلا. وكيف انه لو لم تكن المرأه شحاذة افريقية او ممرضة من جنوب شرق اسيا فان المشي في الشوارع هو مغامرة خطيرة و تصرف مستهجن. ظهور سور الحوامل في جدة من ادلة فقدان مقومات اللايف ستايل. تخيل, أنه عندما اثبت الطب ضرورة المشي للحامل في الشهر الاخير بحث الناس عن مكان فوجدوا هذا الحائط. اصبح عندها المشي مشروط بمكان معين وان تكون بطن السيدة منتفخة.
 
هذه الرسالة ليست لانتقاد البلدية، و ليست دعوة مبطنه لظهور الفساد في البر و البحر. بل هي رسالة ملتزمة بأساس رسالة الموقع: التحليل بدل النقد و الاعتراض.
 
لم اللايف ستايل مفقود؟ الآسباب كثيرة. لكن لعل أحدها هو ضعف في ابداع حلول تناسب الدين و الأعراف. استمراراً مع موضوع السباحة فهناك في لبنان ما يعرف "ببحر النسوان". وهو أنواع, منها ماهو بأسوار بسيطة في شواطئ شمال بيروت ذات السكان المتحررين. ومنها ماهو على شواطئ جنوب بيروت حيث المحافظين بأسوار شاهقة وتتعرض الداخلات لتفتيش يمنع كاميرات من الدخول. بل وهناك قوارب و هيلكوبترات لمنع المتطفلين بحرا و جوا.
 
قبل أن اختم و استعد لإستقبال فضفضة عن طفش السيدات, أتمنى  أن يكون مفهوم اللايف ستايل الذي ذكرته قد وصل. هو ليس الحرية, و لا السباحة, ولا قيادة السيارة. اللايف ستايل هو أن تكون لحياتك صبغة معينة. نمط و روتين لميولك و رغباتك تأثير عليه.

السبت، 18 يوليو 2009

لم مجلة ليالينا ناجحة؟ و لم قد يتنهي هذا النجاح قريبا؟

مجلة ليالينا هي مجلة اجتماعية منتشرة في مجموعة من مدن الدول العربية. وهي تتخصص في عرض صور من مناسبات محلية (افراح، حفلات،افتتاح مطاعم و مقاهي...). و المناسبات هي مناسبات عادية جدا وليست لمشاهير. حتى صور واسماء الضيوف فهي لاشخاص من عموم الحضور.
 
لا تعتقد انها مجلة ناجحة؟ عندها تكون تعارض الارقام.
 
فبالرغم من انك يستحيل ان تجد من يعترف بانه يتابع هذه المجلة, الا انها تطبع و توزع في المملكة ما بين 60 الى 70 الف نسخة كل شهر. اما على مستوى العالم العربي فهي توزع اضعاف هذا الرقم في تسع دول عربية مختلفة. ارقام محترمة جدا تنافس اهم مجلات العالم العربي.
 
ماهو اكثر دلالة على النجاح هو الدخل الذي اتوقع انهم يحققوه. ففي المملكة فقط، سعر البيع هو 20 ريال للمجلة و الاشتراك سنوي هو بحوالي 250 ريال. لذا و بناء على مصادر المعلومات لدي (و هي ارقام المجلة المعلنه) فان المجلة تحقق دخلا سنويا من المبيعات و الاشتراكات قد يصل لحوالي 14 مليون ريال.
 
هناك مصدر دخل اخر. صفحات المجلة ال250 فيها 50 صفحة اعلان. في المملكة فقط، يدفع المعلن حوالي 20 الف ريال على الاعلان. قم بعمل الحسابات لتكتشف ان ايراد الاعلانات هو 12 مليون ريال.
 
اذن المجلة تحقق ايرادا سنويا قد يكون قدرة 26 مليون ريال وذلك فقط في السعودية.
 
لتتوقع ربح المجلة عليك ان تخصم التكاليف اولا. التكاليف الادارية، الراس مالية، الطباعة، التوزيع و التسويق ستكون منخفضة نسبياعليهم. فالمجلة تنتمي لمؤسسة اعلامية عملاقة تمتلك كل هذه الامكانيات. اما تكاليف التحرير فليس فيها شراء لتقارير او ابحاث او استقطاب لكتّاب مرموقين او اي شئ من هذا القبيل. كل مافي الموضوع هو فريق من المصورين الذين تقتصر مهارتهم على ضغط زر الكميرا و سؤال من اخذوا صورته عن اسمه.
 
اذن, لم هذه المجلة ناجحة بهذا الشكل؟
 
" الموضوع ومافيه هو حب البصبصة". لا اعتقد, و الا لم اكثر الاجزاء شعبية في المجلة هي صور من افراح الرجال. و لو كان الغرض هو "البصبصة" فالمجلات الفنية هي اكثر اشباعا لهذه الرغبات.
 
"لاننا اصبحنا اناس سطحيين و فضوليين للغاية". اقتربت من الاجابة. لكن ليس بالضرورة ان يكون الموضوع سلبي للدرجة التي تجسدها هذه الجملة.
 
سر نجاح هذه المجلة هو في قاعدة اعلامية في غاية الاهمية. و هي حقيقة ان الناس يعشقون الاسماء و الوجوه.
 
بأدلة واضحة و متكرره، عندما تقوم القنوات الاعلامية (مطبوعات، تلفزيون، مواقع انترنت) بعرض أسماء و صور للناس فهي تشد الانتباه. و لو كان العرض هذا هو لاناس من مجتمعك و محيطك عندها يكون الامر لا يقاوم. حتى لو كان هؤلاء اشخاص عاديين جدا و يقومون بشئ عادي او حتى ممل.
 
ان نجاح هذه المجلة هو في اشباع هذه الحاجة عن الناس. فلسبب ما، تصفح صور أناس عاديين قد حضروا فرح أناس عاديين آخرين هو امر في غاية الامتاع. و تصفح صور رواد المطعم الفلاني خلال عطلة الاسبوع الماضي هو امر مسلي للغاية.
 
"السبب غير مقنع. اكيد في سر غير هذا". ابدا, هذا هو كل مافي الامر. فحب مشاهدة و متابعة الناس العاديين وهم يقومون بامور عادية هو السبب. فكر في برامج الواقع التي يشاهدها البلايين في العالم. فهي برامج لاشخاص عاديين يحاولون الغناء او فقدان الوزن. او انهم يتسكعون في بيت مغلق لاشهر.

فكر في facebook. لم يمتلك هذه الشعبية؟ هناك مواقع تعد مصادر اخبار او تسلية او معلومات افضل منه بكثير. بل انه ليس افضل طريقة للتعرف على الناس. حتى انه وسيلة سيئة لتبادل المعلومات و الايميل و الشات يظلو افضل منه في ذلك بكثير. كل ما ينفرد به facebookهو انه يساعدك ان تعرف "كيف هو شكل فلان؟" و " ياترى ماذا يفعل و يحب هذه الايام؟".
 
برامج الواقع، facebook، ليالينا، و مختلف الادلة الاخرى تؤكد انه عندما تعرض وجوه و اسماء فانت رابح.
 
"حسبي الله و نعم الوكيل. هل وصل بنا الانحدار لهذه الدرجة؟". يمكنك التحسر و الانزعاج. لكن الافضل هو الاستفادة من هذه الحقيقة. فلو كنت تعمل في اي مجال و لك احتكاك مباشر او غير مباشر بالاعلام او التسويق فلا تنسى هذه الحقيقة. بل حتى لو اردت ان تروج لفكرة ما. فان هذه القاعدة و استخدامها هي من افضل الوسائل لجذب الاهتمام و تحقيق و جهه نظرك.
 
لم قد ينتهي نجاح ليالينا قريبا؟ السبب هو ان المجلة كما الاحظ عندما اتصفحها منتظرا دوري لدى الحلاق انه تزداد فيها شيأ فشيأ نسبة المقابلات و المقالات. وهذا يعد انتحارا. حيث ان هذه المقالات لو استمر زحفها و طغت على اصل المجلة فتفقد ما ميزها في الاصل.

الأحد، 12 يوليو 2009

اسبانيا و قمة الروقان

لعلك كنت من المرتاحين بعد انقطاع لأكثر من شهر عن هذه الرسائل. أو انها غير مهمة بالنسبة لك لدرجة أنك لم تلاحظ ان المقالات الاسبوعية قد انقطعت. على كل حال فسأعود لازعاجك الآن.

كما اني كنت في اجازة رائعة مع اسرتي في اسبانيا. اقليم "الأندلسية" تحديداً. توقعت قبل زيارة الجامع الكبير في قرطبة و قصر الحمراء في غرناطة وكل تلك الآثار ان يأتيني احساس بالحزن و الحسرة من تحويل المساجد و القصور لكنائس و متاحف. لكن الاحاسيس التي طغت كانت احاسيس التفكر و التخيل. احاسيس الحزن و الحسرة كانت تأتيني في الطريق. فالرحلة من ملقة لقرطبة ثم لغرناطة ثم العودة لملقة يقطع فيها الشخص 1000كم وهو يقود السيارة. الغالبية الكاسحة من هذه الكيلومترات تقضيها على طرق سريعة تخترق اودية و مزارع من شجر الزيتون. منظر رائع. تاتيني الحسرة لأني طوال الوقت افكر و اقول "المفرض فلسطين تكون بهذا الشكل".

اثناء التجول في اقليم الاندلسية كان يأتيني ما يشبه ال"flash back" للعصور الذهبية. فعند التجول في القرى و المعالم كنت اتخيل سكان الاندلس في تلك البيوت و الاماكن. كم كانو اناس "رايقين و مروقين على الاخر":

القرى ذات التاريخ الأندلسي الاسلامي تسمى بالقرى البيضاء. وذلك لأنهم كانو يطلون بيوتهم بالجير الابيض على الاقل مرة في السنة ليعكس حرارة الشمس. و لأن الجير طارد للقوارض و الحشرات. كما ان مداخل القرى وواجهات البيوت كلها على الجنوب لتستقبل هواء البحر الابيض. يمر الهواء في ممرات القرية التي تضيق كلما تتوغل فيها. ذلك حتى ينحسر فيها الهواء و يمر بسرعه. لذا تكون في وسط القرية و محاط من أربع جهات بالجدران لكن يأتيك الهواء البارد من الفتحات.

النوافير في كل مكان. في الشوارع و البيوت. وأصواتها و مناظرها بالفعل مرضية للعين و الاذن و النفس. واستخدامهم للفسيفساء أمر جميل جداً. بيوت بيضاء. نوافير. بلاط ازرق يزيّن الحوائط و النوافذ. قمة الروقان.

احدى المواقع داخل أسوار قصر الحمراء هو قصر صغير في حديقة جانبية. كان يستخدم لقضاء شهر العسل وكمنتجع. يسمونه "الجينينات". قمة الروقان

في الحقيقة هناك ماهو انسب في التسمية من "الروقان". لعله "اعمار الارض". فقد كان رواد تلك العصور الذهبية مهتمين بكل ماهو على الكرة الارضية. دين، علوم، بناء، فكر، ثقافة. اعمار للارض.

عندما تتجول في قرطبة تجد تمثال ابن رشد. يجسده وهو يجلس يفكر وفي يده كراسته. محاط بشجر زيتون . وحوله اسوار قرطبة او "القصبة الذهبية". عندها تعرف أن اعمار الارض هو تحدى المسلمين.

تحدي المسلمين ليس سهل. فتحدي أن تعيش من أجل الله و من أجل اعمار الارض هو اصعب من تحدي الموت من اجل الله. اكتب الرسالة وأنا اشاهد قناة العربية و فيها قاضي يحكم بالاعدام على ٦ شباب بتهمة الارهاب في اليمن. هو يقرأ الأحكام و هم يهللون و يكبرون فرحا بها. كمسلم، "حياتك" تؤلف نظريات فيزياء على صوت خرير نافورة و ظل شجرة برتقال قد تكون افضل من "مماتك" وانت تفجر مبنى. طبعا مع مراعاة النوايا في كل شيء.

الجمعة، 5 يونيو 2009

هل التسويق نصب وغش؟

هناك احتمال كبير أن قرأتك لرسالة البيك الأسبوع الماضي قد جعلتك تشتهيه. على الاقل انك فكرت فيه او تخيلت الدجاج. بل لعل البعض زار المطعم. مع ان الرسالة لم تكن ترويج للمطعم. بل انها كانت رسالة تنتقده.
 
لو حدث معك هذا فالأمر طبيعي. لأن هذه هي الطريقة التي يعمل بها العقل. فالعقل لا يحتاج إلا لإشارة تلتقطها احدى الحواس. بغض النظر عن محتواها. فمجرد ذكر كلمة البيك (سواء للترويج أو المدح أو حتى للانتقاد) يجعل مناطق في عقلك تستثار. تبدأ في تخيل تلك الاطباق من الالمينيوم. بل تكاد تتذوق الدجاج الذهبي المقرمش و انت تقرأ بل قد يسيل لعابك.
 
مبالغة؟ اذن لم اصدرت بطنك أصوات للتو؟
 
آه كم يعرف المسوقون اسرار العقل البشري هذه. و ما تقتضيه من غرائز و أوامر لك من عقلك اللآواعي.
 
هل سبق انك دخلت لمطعم عاقداً النية على تناول سلطة لكنك شممت رائحة bubble cheese burger فلم تستطع المقاومة وتغيرت نيتك؟ بعض المطاعم تفعل ذلك فيك عن عمد الا أن ما شممت لم يكنdubble chees burger يشوى في المطبخ. بل كانت رائحة من بخاخ في نظام تكييف المطعم لمادة كيميائية لعل اسمها مثل RTX-2938/PGS وهي تركيبة ل"رائحة اللحم المشوي و الجبن الذائب". مممممممم. لذيذ.
 
مطعم الساندوتشات subway في بعض الدول يطلق رائحة كيميائية لمايشبه رائحة الخبز طازج من خلال مضخات في الشارع يشمها المارة.
 
تلك الرائحة الرائعة للسيارة الجديدة؟ آسف! هي الاخرى مزيفة. يبخها المصنع داخل السيارة بعد التصنيع.
 
اغلب السوبرماركتات تضع المخبز بالقرب من المدخل. فأثبتت الدراسات أن ذلك يرفع المبيعات بشكل ملحوظ. فرائحة الخبز تفتح النفس و تعطي احساس بالجوع. مما يجعل الزبائن يرمون الshopping list ويشترون ما يشتهون.
 
رائحة تشبه القطن تضاف لأنظمة التكييف في بعض محلات الملابس لتعطيك احساس راحة و برودة القطن. فيربط عقلك اللاواعي بين الملابس التي تشاهدها والراحة التي تشعر بها من جراء الرائحة. أما القهوة فتبخ رائحتها في مواقف سيارات المحلات التجارية لتنشيطك قبل الدخول. ورائحة المروج الخضراء في قاعات درجة رجال الاعمال لخطوط الbritish airways
 
الفنادق؟ بعض فروع Hayyat تبث رائحة تشبه مخبوزاتهم الشهيرة في اروقة الفندق. فترتفع مبيعات ال room service و زيارات مطاعم الفندق من النزلاء.
 
الكل يحب عطر الفانيليا. صح؟ اذا راجعت حصص بيع محلات العطور تجد هيمنه أي شئ فيه فانيليا. لم يترك المسوقون هذه الظاهرة. وبعد التحليل اكتشفو ان لذلك علاقة بحليب الام. لان رائحته تشبه رائحة الفانيليا. علمياً، عقل الانسان يسجل هذه الرائحة بدون ان يشعر منذ كان رضيعا. فكلما يشمها يشعر براحه و طمأنينة. لذا عندما قام احد المحلات بتعطير قسم الملابس بالفانيليا تضاعفت المبيعات.
 
اما شركة PGفطورت مناديل فيها "لحسة" من رائحة دهان الviks. فعندما يستخدمها الشخص تتحرك مناطق العقل التي تتذكر حنان الام بهذا الدهان على الصدر للمريض بالزكام.
 
هذا فقط ما يخص حاسة الشم
 
اما الاضاءة في المحلات فهي علم بذاتها. في قسم الخضروات تستخدم لمبات لإظهار الألوان كالأخضر و الأحمر أكثر نضارة. أما محلات الملابس تستخدم اضاءة تعطيك شئ من "التغبيش" فتختفي عيوب القطع. أما غرف القياس ففيها مرايات خادعة تجعلك تبدو اطول وانحف بقليل مما انت عليه. فتعود للبيت و تشك أنك لم تحضر نفس القطعة. لكنك فعلت. أما في قسم مستحضرات التجميل فالاضاءة هي مما يساعد على ظهور عيوب البشرة.
 
ما احلى طبق البيض المقلي ذو البياض الناصع و الصفار المشع، صح؟ فالصفار الفاتح الناصع يدل على ان البيضة طازجة و الدجاجه سليمة. صح؟ غالباً أنت تنظر لصفار مصطنع. فبعض مزارع الدواجن الشهيرة (نعم حتى تلك التي في المملكة) تضع في طعام الدجاج فيتمينات وصبغات تعزز لون الصفار. مممممممم. مشهي.
 
اما قصتي المفضلة فهي لمحلات abercrombie and fitch ولمن لا يعرفها فهي محلات ملابس للمراهقين و من هم في العشرينات. مثل Gap لكن كوول اكثر منه بمراحل. هذا المحل يضع في الطرق وفي أروقة المول قبيل البوابة للمحل صور لعارضين و عارضات شباب في غاية الجمال و يكونون "لابسيين من غير هدوم". ثم يستأجر عارضين و عارضات في غاية الجمال ويطلب منهم التسكع أمام باب المحل. طبعاً مرتدين لملابس من المحل. تخيل الآن ابن ال14 سنه في المول. يرى الصور فيطمح لكون شكله بهذه الصورة. ثم يرى الشباب و الشابات فيتقد داخله كل احاسيس عدم الثقة بالنفس التي يعاني منها المراهق. "أتمنى أن يكون شكلي كذلك" يقول لنفسه. ثم يرى الحل امامه، لوحه و فترينات المحل. يدخل بدون ان يشعر. "واو! لو اشتري هذه الملابس سأشبه هؤلاء". وتمتد يده ليشتري ذلك القميص المبالغ في سعره بشكل فاحش. ليخرج وهو يأرجح الكيس شاعراً أنه بطول الجبال. لا داعي لذكر انهم ايضا يضخون رائحه خاصه تشبه رائحة الملابس الجديدة لتعزز تسجيل هذه التجربة في عقلك اللاواعي. حتى انه بعدها بأسبوعين او ثلاثة عندما تأتي لصاحبنا المراهق لحظات من عدم الرضا يجري لأقرب فرع. ليدخل و يأخذ نفس عميق ثم يطلقه و هو يقول "اه، abercrombie and fitch"
 
صوت دوران عجله الI-pod الخاص بك، تك تك تك. الصوت مفتعل من الشركه. قرمشة كورنفليكس Kellogg's؟ هناك مختبر خاص يتأكد من جودة صوت القرمشة لتفرقه عن أي ماركة منافسة. فلا يعجب الناس الا Kellogg's. لا يعجبك لا صوته لو اردت الحقيقة.
 
لكن لحظة. قبل ان تتجه لزملائك في قسم التسويق لتقوم بحرقهم احياء. أو أن تستحم سبع مرات احداها بالتراب لو كنت انت تعمل في التسويق. فكر جيداً. هل كل ما قرأت الآن (بإستثناء المرايات الخادعة في غرف تغيير الملابس) يعتبر غش؟ أم انها محاولات من التاجر أو عالم البزنس لارضاء غرائز بشرية بأقصى الطرق. غرائز كالجوع, حب التمييز , الجمال, الاحساس بالأمان. عليك أن تعترف أنك كإنسان أكثر سعادة عندما تشبع هذه الغرائز. لذا كان ماسبق يساعدك لتحقيق ذلك. كما انها محاولات لحفر اسمهم التجاري في عقلك باستخدام كل الحواس وليس فقط بصرك.
 
الاكثر ايجابية ان تفكر في النقطتين التاليتين:
  1. كمستهلك, احمي اموالك واجعل حواسك متيقظة لهذا. لا تذهب للسوبرماركت جائعا. قف بالسيارة بجانب البوابة للمحل الذي تريد ثم غادر بعدما تشتري لو لم يكن لك غرض اخر. عزز ثقتك بنفسك من خلال امور غير مادية. وهكذا.
  2. كصاحب هدف (تجاري او اجتماعي): تنبه لهذه الحقائق و استخدمها في صالحك طالما انك لا تكسر حواجز اخلاقية بها. محلات 7/11 الشهيرة تعاني من السطو على محلاتها. لكن عندما جربوا وضع سماعات في مواقف المحل تبث مقطوعات كلاسيكية هادئة انخفضت عمليات السطو و السرقات بشكل رهيب.
* الامثلة من كتب ومقالات مختلفة. لكن اغلبها من كتاب اسمه Buyology